العراق بلا قانون أحزاب.. لماذا؟!!
استبعدت الكتل المتحاصصة المتخاصمة، إقرار قانون الأحزاب في الدورة النيابية الحالية، بسبب «خلافات بشأن مراقبة الموارد المالية للأحزاب)، مؤكدة أن القانون «يحدد حركة الأحزاب ويربطها بمؤسسات حكومية)!
ورغم مرور عشرة أعوام على الديمقراطية الأمريكية المعلبة، يرى ممثلو هذه الكتل إن:(قانون الأحزاب كتب على عجالة وفيه بعض الفقرات التي تحتاج الى تعديل). واستبعدت أن (يتم تشريع قانون الأحزاب في الدورة النيابية الحالية)، مدعية وجود خلافات على ربط الأحزاب بهيئة، ومتابعتها ومراقبة مواردها المالية بعنوان (من أين لك هذا)، فالأحزاب الحاكمة تملك أموالاً طائلة وهي غبر مستعدة للكشف عن مصادرها، لكونها ببساطة مصادر مشبوهة.
من أين لك هذا؟!
تميزت الديمقراطية الأمريكية المعلبة بالاستهتار بالحرّيات الأساسية، أي، حق الرأي والتعبير، حق الاعتقاد، حق التنظيم الحزبي والنقابي والمهني، حق المشاركة السياسية في إدارة الشؤون العامة. إذ استبدلت هذه الحقوق والحريات بتشكيل مجلس حكم من أحزاب طائفية واثنية، كمرحلة تمهيدية لتقسيم الدولة والمجتمع إلى إمارات طائفية وعشائرية وعنصرية يطلق عليها فيدراليات، تعيق انتقال العراق إلى مرحلة الدولة الوطنية الديمقراطية.
إن أحزاب الديمقراطية الأمريكية المعلبة، لا يمكن إجازتها وفق قانون أحزاب عصري، مما حدا بهذه الأحزاب غير الشرعية إلى المضي في عملية سياسية مزيفة على مدى عقد من الزمان، دون أن يشرّع برلمانها بجميع دوراته قانوناً للأحزاب، لأن وجود قانون أحزاب وفق المقاييس الدولية المقرة في لائحة حقوق الإنسان يعني ببساطة حل هذه الأحزاب اللاشرعية ومصادرة ممتلكاتها المنقولة وغير المنقولة ومحاكمة قادتها على الأموال المنهوبة من ثروات الشعب وفق قانون... «من أين لك هذا؟).
قانون الانتخابات وتكريس النهب
ينسحب الأمر ذاته على قانون الانتخابات والتعديلات المقترح إجراؤها عليه، إذ تسعى بعض الكتل إلى تأجيل إقرار قانون الانتخابات المعدل من أجل تأجيل الانتخابات، ومنذ البدء، كنا نحن، كيسار عراقي، ضد المشاركة في الانتخابات دون قانون الأحزاب، فلا يمكن أن تكون هناك انتخابات نزيهة وحرة دون وجوده.
واليوم نجد أن الأحزاب الموجودة تملك أموالاً طائلة، وهي أموال غير معروفة المصدر سواء نهب أو فساد، وهي بمعظمها منهوبة أصلاً. كما تمتلك هذه الأحزاب وسائل إعلام ضخمة كالفضائيات والصحف وتملك مقرات من خلال استيلائها على مؤسسات ومراكز حكومية سابقة. يضاف إلى كل ذلك قانون انتخابي فيه الكثير من المشاكل، ولهذا نحن ميزنا في بياناتنا وأدبياتنا بين عدم المشاركة كيسار في الانتخابات، وبين حق الشعب العراقي في الإدلاء بصوته في الانتخابات، ودعونا في كل الانتخابات، التي تمت في 2005 أو 2010 وانتخابات المحافظات الأخيرة، الشعب للتصويت للقوائم الوطنية الديمقراطية إن وجدت.
بالرغم من كون الكتل السياسية التي اشتركت في تأسيس هذا النظام الفاسد تعيش أشد أزماتها وتمزقها، وهي في صراع مرير على السلطة وعلى إعادة تقاسم النفوذ ونهب الثروة الوطنية العراقية، إلا أنها تتوافق فيما بينها على رفض تشريع قانون عصري للأحزاب، خصوصاً إذا ما تضمن فقرة المساءلة عن مصدر مواردها المالية، إذ تجدها موحدة، رغم تناقضاتها في مواجهة الشعب ومطالبه المشروعة، وهذا هو بالضبط سر تركيبة «الديمقراطية الأمريكية المعلبة«، فالصراع بين اللصوص ثانوي إزاء الصراع الرئيسي مع الشعب.
صباح الموسوي : منسق التيار اليساري الوطني العراقي عضو لجنة العمل اليساري العراقي المشترك