منظمة «معاهدة الأمن الجماعي).. وتنامي الدور الروسي في آسيا الوسطى
في مطلع العقد الأخير من القرن العشرين وإثر انهيار الاتحاد السوفييتي قامت ست دول من الدول الناتجة عن تفككه بتوقيع معاهدة «الأمن الجماعي« والذي كان الهدف منها تأمين شيء من الدفء السياسي والعسكري لهذه الدول والذي كان يوفره الاتحاد كمقابل لحلف الناتو
وقع عليها آنذاك ست دول هي: روسيا، أرمينيا، قرغيزستان، كازاخستان، طاجيكستان، وبيلاروسيا.
وفي عام 2002 اجتمع رؤساء الدول المذكورة آنفاً ليعلنوا تأسيس منظمة معاهدة «الأمن الجماعي« وذلك بتوقيعهم على ميثاقها والذي من أبرز نقاطه اعتبار أي تدخل عسكري في أي دولة من دول المنظمة عدواناً، حيث كان يمكن إدخال هذا التحرك في سياق ردود الفعل الدولية على التدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان.
انضمت إلى الاتفاقية المذكورة في عام 1994 كل من جورجيا وأذربيجان وأوزباكستان ولكن هذه التحالفات الجديدة لم تدم لفترة طويلة بسبب خلافات حول قضايا عسكرية الطابع.
اتسمت العلاقات بين الدول الأعضاء بشيء من التردد الذي كان طبيعياً آنذاك وناتجاً عن دور الدول المنضوية في إطار المنظمة في القضايا الإقليمية والدولية في الفترة التي كان التقدم فيها على الصعيد العالمي أمريكياً بامتياز مما فرض شيئاً من التقوقع على عموم دول المنظمة.
في عام 2006 عادت أوزبكستان لتكون دولة كاملة العضوية في المنظمة، وساهمت في إعادة النظر بمدى فعالية المنظمة بالنسبة لأعضائها على المستوى الإقليمي والدولي حيث بدأت باستعادة دورها إقليمياً مع الأخذ بعين الاعتبار كتلتها السكانية ومساحتها الجغرافية وثرواتها الباطنية (1.5 مليون برميل من النفط يومياً وأكبر مصدر لليورانيوم في العالم) بما يسمح لها بأن تكون لاعباً فاعلاً على الساحة الإقليمية.
غير أن الدور الأكبر في هذه المنظمة كان لا بد أن يكون من نصيب روسيا والتي بدأت تستعيد دورها على المستوى الدولي على حساب الولايات المتحدة التي بدأ نجمها يخبو تحت ضغط جملة من العوامل أولها الأزمة الرأسمالية التي أصابت المركز الأمريكي.
وإن هذا التنامي في الدور الروسي أدى بدوره إلى تنامي دور المنظمة عموماً، ولاسيما مع تمكن روسيا في عام 2011 من الدفع باتخاذ قرار على مستوى المنظمة يمنع إنشاء قواعد عسكرية أجنبية على أراضي دول المنظمة إلا بموافقة جميع أعضائها.
حالياً وفيما يخص سورية فإن أعضاء المنظمة يؤكدون وبالإجماع على ضرورة قيام تسوية سياسية للأزمة السورية، وذلك في اجتماعهم الأخير في مدينة سوتشي الروسية، معلنين تأييدهم للمبادرة الروسية- الأمريكية ورفضهم لأي شكل من أشكال التدخل العسكري الخارجي في سورية