هل يسير العراق نحو المصير المجهول؟

هل يسير العراق نحو المصير المجهول؟

يتساءل المواطن العراقي اليوم، وبعد مرور عشر سنوات على نظام المحاصصة الطائفية الاثنية، هل تحول العراق ومستقبله ومصيره إلى مجهول؟

إذا كانت الحصيلة النهائية للتوتاليتارية الصدامية البعثية على امتداد أربعة عقود، هي احتلال بلاد الرافدين وتدمير البنية التحتية وملايين الضحايا والأرامل والأيتام والمعوقين، فإن الخراب اللاحق على يد الأحزاب «الوطنية» عبر استسلامها للمشروع الأمريكي-الاستعماري والقبول في إرساء أسس «ديمقراطية العبيد» تحت سطوة الأسياد الأمريكان، والترويج لأكذوبة «التحرير» ولاحقاً «التغيير» في وصف ما حدث يوم 9 نيسان 2003، هو أساس الحالة الكارثية التي يعيشها العراق اليوم، وطناً وشعباً.
«صهينة» العراق
تبدو المحاولة الراهنة لإشعال الحرب الطائفية، بعد المحاولة الأولى الفاشلة عامي 2005-2006 عبر إرهاب المجتمع بعشرات التفجيرات اليومية وأعمال الاغتيال والذبح على الهوية المتصاعدة بشكل مرعب، عودة أخيرة لمشروع تقسيم العراق، يرتفع اليوم من جديد الخطاب المتصهين المشكك بوجود «العراق التاريخي» يرتفع من جديد مستخدماً مصطلحات صهيونية كـ«العراق المصطنع» و«العراق الناتج عن سايكس بيكو» و«التركيبة السكانية المفتعلة للعراق»، وما إلى ذلك من الخزعبلات المتوجة بطرح «الحل السحري» القادر على إنقاذ الشعب العراقي من الإرهاب والنهب والتدمير، ألا وهو النظام الفيدرالي، فهاهم احفاد عملاء الاستعمار البريطاني يطالبون بالإقليم في البصرة والرمادي وكركوك وغيرها من المدن العراقية.
يعلن هؤلاء أن إيقاف سيل الدم العراقي ونهب الثروات والخلاص من الفقر، يتم بالتحرر من«العراق المصّنع»! والانتقال إلى «عراق الإمارات الطائفية الاثنية»، وهي أكذوبة جديدة يروجون لها كما روجوا بالأمس القريب لأكذوبة «الديمقراطية الأمريكية التي ستحول العراق إلى يابان وألمانيا الشرق الأوسط»، وإذا بالعراق يتحول إلى صومال ثانية.
صفقة التحاصص
جاءت صفقة المالكي-البارزاني، المعلنة بقرار المحكمة الاتحادية القاضي بنقض قانون البرلمان العراقي تحديد ولايات الرئاسات الثلاث مقابل نقض المادة 23 من قانون انتخابات كركوك، حيث يضمن بموجبها الطرف الأول حق الترشيح لولاية ثالثة ويضمن الطرف الثاني الهيمنة على مدينة كركوك على حساب هويتها العراقية. جاءت الصفقة، لترسم أول خط حدود داخل الأراضي العراقية في خارطة الأقاليم الطائفية الاثنية كمرحلة ضرورية تمهيدية لتنفيذ المشروع الإمبريالي الصهيوني في تقسيم العراق، علماً أن تركيبة المحكمة الاتحادية مبنية على أساس هذه المحاصصة، وبالتالي، فإن القضاة يتلقون أوامرهم من الجهات التي عينتهم في هذه المحكمة، وهي بهذه الصفة لا محكمة اتحادية ولاهم يحزنون، وإنما محكمة تقسيمية لا شرعية. ومن الجدير بالذكر هنا، هو أن التعجيل بعقد الصفقة قد جاء على خلفية كشف أمريكي لمحاولة انقلابية لاستلام الحكم، هذا الكشف الذي قدم انذاراً مباشراً لنوري المالكي، بأن اليد الطولى في العراق هي للأمريكي لا للإيراني، كما يتوهم البعض في النظام أو في المعارضة.
إن عودة العراق إلى أصله التاريخي والحضاري ودولته الحديثة لا يتم إلا بالحفاظ على الهوية الوطنية العراقية، بوصفها مرجعية الهويات الفرعية وضمانة العيش المشترك، وبالتحرر التام من بقايا الاحتلال الأمريكي عبر إلغاء ما يسمى زوراً وبهتاناً بـ«اتفاق المصالح الاستراتيجية» والتخلص من سفارته وقنصلياته وطرد شركاته الأمنية الصهيونية، هذه الشركات التي تقف خلف غالبية التفجيرات الدموية ضد المواطنيين العراقيين، وإقامة نظام وطني تحرري وبناء دولة العدالة الاجتماعية، نظام قادر على حل الأزمات المستديمة والمستفحلة على جميع المستويات، المعيشية والأمنية والخدمية والاقتصادية والسياسية.

 منسق التيار اليساري الوطني العراقي وعضو لجنة العمل اليساري العراقي المشترك