مصر والموازين العالمية
لا يمكن وصف الوجود الأمريكي في المتوسط كرغبة أمريكية في الاعتداء على سورية بشكل مباشر وحسب، بل هو أيضاً تعبير عن تراجع شديد للهيمنة الغربية دفعها لوضع جيوشها بالقرب من بعض دول المتوسط التي أصبحت تشكل تهديداً لمصالحها، وبالأخص مصر التي يبدو أنها تبتعد عن سيطرة الغرب.
كان لزاماً على دول الغرب وضع جيوشها لحماية نفوذها وملء الفراغ الناشئ بعد أن استنفدت بدائل السيطرة الرئيسية السابقة على مصر، سواء أكانت عبر نظام مبارك/السادات أو عبر حقبة الإخوان المسلمين الوجيزة.
هل تحسم القوى الوطنية الموازين؟
في خمسينيات القرن الماضي كان للصراع في مصر وعليها، وخاصة بعد العدوان الثلاثي والرفض المشترك السوفييتي-الأمريكي له، كان لحسم هذا الصراع دور كبير في تغيير موازين القوى العالمية، حيث تراجعت قوى الاستعمار القديم (بريطانيا وفرنسا)، ونشأ عالم جديد ثنائي القطبية. من ذاك التاريخ يمكن الاستنتاج أن مصر وبحكم موقعها ومقدراتها العسكرية والاقتصادية، تلعب دوراً كبيراً في تغيير موازين القوى العالمية لكن بشرط أن يحسم الصراع الداخلي لمصلحة القوى الوطنية المعادية للغرب الاستعماري، لذلك يمكن الحديث عن الوجود الأمريكي في المتوسط أنه تهديد مباشر لمصر ولكل من يريد الخروج من تحت السيطرة الأمريكية.
الجيش المصري يناور
كشفت مصادر صحفية مصرية نية الإخوان المسلمين بتنظيم مظاهرات كبرى يوم الجمعة 31 آب ستسمى «جمعة الطوفان»، وتحدثت جريدة المصري اليوم عن محاولة مناصري الإخوان الاعتداء على الجيش والاستيلاء على مدرعات للجيش في الفيوم وبني سويف والمنيا في توقيت مشبوه وخاصة بعد التوتر الكبير في المتوسط.
وفي هذه الأثناء جرى اتصال بين الفريق عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي والذي شدد الأخير فيه على ضرورة مشاركة كل القوى السياسية بالعملية السياسية وعدم إقصاء أي طرف، إلا أن الجيش المصري يحاول ترويض الإخوان والانتهاء من خطرهم للأبد أحياناً بالصدام المباشر ومن خلال الحديث عن المصالحة الوطنية ليتفادى الصدام المباشر مع أمريكا أحياناً أخرى.
تبلور موقف معادٍ للوجود الأمريكي
وتزامناً مع احتمالات ضربة عسكرية لسورية، قال حمدين صباحي القيادي في التيار الشعبي المصري على حسابه على التويتر إن:«العدوان على سورية بربري وغزو مصر يبدأ منها»، ومن جانبها طالبت حركة «تمرد- مصر» بإغلاق قناة السويس في وجه السفن الأمريكية. كما أطلق ناشطون مصريون وعرب حملة بعنوان «الحملة الشعبية العربية للتصدي للعدوان الأمريكى على سورية».
مع نضج الحدث المصري بخصوصية صراعه الداخلي بدأت تشابكاته الإقليمية تظهر أكثر فأكثر، حيث باتت العديد من القوى تعبر عن فهم لهدف الولايات المتحدة الأمريكية من ضرب سورية، وتربطه بمساعي الغرب لضرب العملية الثورية في مصر منعاً لتغيير موازين القوى العالمية.