هل تفلت مصر من السيطرة الأمريكية؟
تحت عنوان «القمع العسكري في ميدان تيانانمين المصري»، في تشبيه لما حصل في الصين سنة 1989، كتبت الغارديان البريطانية يوم فض الاعتصام هو يوم عار للجيش المصري!
مع حملات إدانة غربية مشبوهة، فضت الحكومة المصرية الجديدة اعتصامي رابعة العدوية والنهضة لتبدأ معها مرحلة جديدة في مصر الميل العام فيها نحو تخفيض وزن القوى المرتبطة بالمشروع الأمريكي في جهاز الدولة والمجتمع لحساب زيادة وزن القوى الوطنية الاجتماعية ذات التوجه الديمقراطي الشعبي المتناقضة مع المصالح الأمريكية والمتواجدة أيضا في جهاز الدولة والمجتمع.
معتمدو الأمريكيين في مأزق تاريخي
اعتمد الأمريكيون على نظام السادات-مبارك الليبرالي كأداة للسيطرة على مصر والمنطقة في ظل موازين قوى كانت لمصلحتهم، ومع التغير في موازين القوى العالمية استنفد هذا النظام نفسه وأصبح قديماً في ظل التغيرات الكبرى.
وهنا جاءت محاولات الأمريكيين بدفع قوى الإسلام السياسي الليبرالية كإحدى أدواتها في فرض السيطرة على مصر، ولكن ولأن البديل لم يكن مختلفاً عن القديم من حيث حامله الاجتماعي (أصحاب الشركات) كانت مسألة إقصائه عن السلطة مسألة وقت، والقديم المسمى بالفلول لا يمكن أن يعود للحكم لاستنفاذه لنفسه بحكم أن جهاز الدولة المصري أصبح محكوماً بتحقيق توافقات جديدة لمصلحة قوى التغيير الشعبي الديمقراطي مستفيداً من التراجع الأمريكي.
تسعير الأزمة من الغرب
ردود الفعل الغربية جاءت لتعكس إرادته بتأزيم الوضع، فالتهديد بالفوضى في حال رفضت الإدارة المصرية الجديدة الحوار مع الإخوان، واستقالة محمد البرادعي المقرب من الدوائر الأمريكية تؤكد مساعي الغرب بالدفع للعنف اللّاحق. كما نددت الولايات المتحدة الأمريكية بما قالت عنه «شدة استخدام قوات الأمن المصرية للعنف ضد المتظاهرين»، كما ندد كل من الاتحاد الأوروبي وقطر وتركيا وحماس بـ«العنف» وطالبوا السلطة بفتح حوار مع الإخوان المسلمين!
فض الاعتصام وموجة عنف تضرب البلاد
عرض التلفزيون المصري صوراً لمسلحين من داخل ميدان رابعة، وعرض صوراً أخرى لمعابر فتحها الجيش المصري للعبور الآمن للمعتصمين، وأعلن رئيس الجمهورية المؤقت حالة الطوارئ لمدة شهر بعد اتساع نطاق الفوضى وقيام أنصار الإخوان بالاعتداء على أقسام الشرطة والجيش والمباني الحكومية ودور العبادة، في الوقت الذي تشهد فيه سيناء موجة عنف ترافقه.
يبدو أن معركة الإنعتاق المصري من السيطرة الغربية بدأت معالمها بالوضوح أكثر في ظل فرز مستمر للقوى السياسية المصرية بين تيارات يرعاها الغرب حالياً وتيارات استهلكها نهائياً، وفي الطرف المقابل هناك مايتبلور ضدها كلياً.