التفجيرات الدموية في العراق وتهريب الإرهابيين.. المنفذ والمبرر واحد..!!
شهدت المدن العراقية في الشهور القليلة الماضية سلسلة تفجيرات شبه يومية حصدت أرواح الآلاف من الأبرياء وأصابت كل أطياف الشعب العراقي، وتزامنت هذه الأعمال الإجرامية الإرهابية بفرار مئات السجناء الإرهابيين بعمليات نوعية متقنة.
اتهمت الحكومة العراقية كعادتها، فلول النظام السابق وتنظيم القاعدة الإرهابي بالوقوف وراء تنفيذ هذه الأعمال الإجرامية.
بنية أمنية تحاصصية هشة
لكن الحكومة لم تقدم تفسيراً مقنعاً للشعب العراقي عن أسباب الفشل الذريع الذي أصاب أداء أجهزتها الأمنية والعسكرية المؤلفة من مئات الآلاف من ذوي المرتبات العالية، والتي تكلف الشعب العراقي جزءاً كبيراً من موارده الوطنية. ناهيكم عن كون تأسيس هذه الأجهزة قد جاء وكأنه اتحاد ميليشيات، أي أن قوامها الأساسي بعض تنظيمات «لواء بدر» والتي تأسست في إيران وتدربت فيها، ومن أعضاء ومؤيدي «حزب الدعوة»، و«جيش المهدي» و«البيشمركة» الكردية، و«الصحوات» في المناطق الغربية التي تم تشكيلها لمجابهة تنظيمات القاعدة.
ثمة رأي يروج له في العراق مفاده أن الصراع الدائر بين الكتل السياسية يفضي إلى استفحال المشكلة الأمنية، ورغم اتفاقنا مع الفرضية القائلة بأنه خلف كل مشكلة أمنية كانت هناك مشكلة سياسية، لكننا نختلف في تطبيقها على الواقع العراقي الراهن، فالخلافات السياسية الراهنة تتمحور حول المحاصصة وإعادة التحاصص. ولقد كان انعدام الثقة بين الكتل السياسية وعدم الوصول إلى التوافق فرصة للسيد نوري المالكي للإمساك بوصفه القائد العام للقوات المسلحة بمناصب وزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الأمن الوطني ورئيس جهاز المخابرات.
ضرورة بناء جيش وطني
إن الوضع الأمني مرتبط ارتباطاً وثيقاً بانعدام بنية أمنية وطنية متمثلة بوجود جيش وطني على أساس الخدمة الإلزامية وجهاز أمني وشُرَطي مهني، لا على أساس العقود مدفوعة الثمن هذا من جهة. أما من الجهة الأخرى فإن رمي التهمة على فلول النظام الساقط وتنظيم القاعدة، دون الاعتراف الرسمي بأن هذه الفلول موجودة في أجهزة الأمن والجيش ذاتها، بل وفي أعلى تسلسلها الهرمي، هو تنصل من مسؤولية مواجهتها، فالشعب العراقي يعلم بأن عشرات الآلاف من منتسبي أجهزة النظام الساقط بالاحتلال، قد ضُموا إلى الأجهزة الأمنية الجديدة بعد أن أعلنوا الولاء الطائفي أو الاثني لهذا الطرف أو ذاك من أطراف نظام المحاصصة، ومن بينهم 80 ألف منتسب كردي من قوات الفرسان «الصدّامية»، والتي يطلق عليها الأكراد منذ أيام النظام البائد تسمية «الجحوش» وأكثر من هذا العدد بكثير من منتسبي أجهزة القمع والتعذيب الفاشية، والتي لم نشهد ولا محاكمة واحدة على الجرائم البشعة التي مارسوها في السجون والمعتقلات كالتعذيب والاغتصاب والتصفية.. وبالتالي امتلاكهم كل وثائق ووسائل التجوال الحر بين المئات من السيطرات (الحواجز) المنتشرة في المدن العراقية وإن كانوا يقودون سيارات مفخخة. وإلا كيف يمكن لعشرات السيارات المفخخة أن تتوزع على مساحة جميع المدن العراقية ويتم تفجيرها سوية.أو تسهيلهم عمليات اقتحام السجون وتهريب مئات السجناء الإرهابيين.
حلول إنقاذية
إن إعادة بناء الجيش العراقي وأجهزة الشرطة والأمن والمخابرات على الأسس المذكورة أعلاه يتطلبان قبل كل شيئ التحرر من نظام المحاصصة الطائفية الاثنية الفاسد وفق خطة وطنية لا تتجاوز فترة تنفيذها العامين، تتمثل في حل البرلمان والحكومة والرئاسة، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني لفترة عامين، واعتماد دستور جمهورية 14 تموز 1958 كدستور مؤقت حتى إجراء انتخابات حرة تفضي إلى تشكيل برلمان وطني مؤهل لإعداد دستور دائم للبلاد يقر باستفتاء شعبي حقيقي.