انتهى عصر «صفر مشاكل»!
«هناك متطرفون يسعون للتخريب بتركيا.. من يحرق المحلات والممتلكات الخاصة لا يمكن اعتباره من نشطاء حماية البيئة»!
مواجهة مفتوحة
هذا ماصرح به أردوغان من تونس، في صيغة رأى فيها الكثيرون تكراراً ممجوجاً لمقولات العديد من الزعماء العرب المخلوعين، وتصاعدت الاحتجاجات إثر ذلك مجدداً، ولتصل إلى يومها التاسع على التوالي، كما شهدت البورصة التركية في هذه الأثناء تراجعات حادة، ولم تفلح تصريحات وزير الداخلية التركي، التي أكد فيها أن أغلبية الموقوفين خلال التظاهرات قد تم الإفراج عنهم، في تهدئة المتظاهرين. رد المتظاهرون بتوسيع احتجاجاتهم لتجتاح 180 مظاهرة مدينتي اسطنبول وأنقرة، وغيرهما من المدن التركية الأخرى، كما نصب آلاف المتظاهرين الخيم في ميدان «تقاسيم» وأغلقوا الطرق المؤدية إليه منعاً لوصول سيارات الأمن، وحذروا طيب أردوغان ووزير داخليته بأن أية محاولة لاقتحام ميدان «تقاسيم» سوف تؤدي إلى مذابح!
اليسار والمشهد الملتهب
من الجدير ذكره في الحديث عن الحراك التركي حتى اللحظة، هو بروز دور هام لقوتين رئيسيتين هما اليسار التركي بمختلف تلاوينه الشيوعية والاشتراكية، وأيضاً نقابات العمال، حيث دعا اتحاد عمال القطاع العام أكبر التجمعات العمالية في البلاد إلى إضراب عام في الأسبوع الماضي احتجاجاً على سياسات وسلوك إدارة أردوغان. كما يبدو أن كل المعارضة التركية تتقاطع عند رفضها لسياسات أردوغان على اختلاف غاياتها ورؤاها مما يفتح المجال لتصورات دراماتيكية عدة. هذا وقد يأخذ الحراك منحاً معقداً مع عودة حزب العمال الكردستاني إلى واجهة الأحداث، فبعد أشهر من الحديث عن هدنة صادق عليها أوجلان زعيم الحزب، اندلعت اشتباكات بين شبان أكراد وقوات الشرطة التركية في مدينة سيزر شرق تركيا وذلك بعد تشييع أحد مقاتلي حزب العمال الكردستاني.
عمق الأزمة السياسية
في هذه الأثناء رفض المحتجون اعتذار حكومة أردوغان حول العنف الشديد الذي ووجهوا به، وهذا مايرى به أردوغان تطرفاً على مايبدو، إلا أن ما تحدث به الرئيس التركي عبدالله غل داعياً إلى التهدئة ومعتبراً الاحتجاج جزءاً من الديمقراطية مخالفاً أردوغان بهذه الرؤية، يوحي بأن الأزمة أعمق من ذلك، وفي هذا السياق يؤكد أحد المحللين «أن المطالب التي تقدم بها المحتجون إلى نائب رئيس الوزراء أكبر من مجرد مسألة المتنزه وترميم ساحة تقاسيم، إذ لها علاقة مباشرة بسياسات الحكومة في أكثر من مسألة».
يبدو أن الوضع التركي آخذ بالتطور باتجاهات معقدة، فما انتجته سياسات حزب العدالة والتنمية سابقاً من سخط شعبي تنم عن أزمة عميقة في سياسات الحزب، لكن عقلية أردوغان التي أوصلته للطلب من وسائل الإعلام الإحجام عن تغطية المظاهرات التركية، تؤكد أنها عقلية الأنظمة الليبرالية ذاتها التي تلجأ في أزماتها إلى أشد الوسائل قمعية، وهي بذلك لاتختلف قيد أنملة لاعن الأنظمة العربية ذات العقلية القمعية المتخلفة ولا عن عقلية مراكز الليبرالية التي تدعي الديمقراطية!