أطنان النفايات... عبء بيئي يحمل فرصاً واعدة
بات تراكم النفايات جزءاً مؤلماً من حياة السوريين، فمن جهة تشهد الشوارع والأزقة تزايداً يومياً في حجم النفايات، يقابله ثبات، بل وعجز في إدارة أزمة التراكم اليومي.
حيث يبرز الجانب الكمّي من أزمة النفايات جلياً وواضحاً؛ ويُقدر الإنتاج اليومي في دمشق وريفها فقط بـ 8 آلاف طن. ما يعكس تدفقاً مستمراً للقمامة والنفايات التي تحتاج إلى معالجة فورية. وأي تأخير في عمليات الترحيل، حتى ولو كان بسيطاً، لا يؤدي إلى تراكم النفايات فقط، بل يضاعف من حجم المشكلة.
وبدأت تتحول القضية في عدد من المناطق، وبالأخص في مدن وبلدات ريف دمشق، من أزمة يومية إلى كارثة بيئية وصحية، يصعب احتواؤها أو التخلص منها بفعالية.
يبرز في المقابل الجانب النوعي للمشكلة، والذي يلمسه الناس يومياً، حيث محدودية البنية التحتية والوسائل المستخدمة في جمع ونقل النفايات. أما الأعطال، فحدث ولا حرج، فبحسب ما صرح به عبدو العلوش، مدير النظافة في دمشق، في شهر أيلول عبر إحدى الصحف المحلية، لا يعمل في المحافظة سوى 17 ضاغطة كبيرة من أصل 79، وتبلغ سعة شاحنة القمامة الضاغطة 18 طناً.
وما تمتلكه المحافظة والبلديات من مركبات تقليدية متهالكة، لا تعاني من سعة نقل محدودة فقط، لا تتجاوز 8 أطنان في أحسن الأحوال، بل تواجه أيضاً مشاكل فنية تؤدي إلى تعطلها، مما يزيد من فترة التراكم ويُفاقم المشكلة. بالإضافة إلى الكادر البشري المحدود، والذي لا يتجاوز حالياً بحسب العلوش، 2552 عاملاً.
فيما لا تزال المحافظة والبلديات تعمل بنهج الإدارة البيروقراطي والقائم على الترقيع. فهي تستمر باعتماد حلول جزئية ومؤقتة، حيث يتم التركيز على جمع النفايات ونقلها إلى الكسوة، والذي لم يثر غضب واستياء السكان فحسب، بل أطال زمن الرحلة حتى 3 ساعات ونصف ذهاباً وإياباً، ما يعد هدراً للموارد الشحيحة أصلاً.
تحديات وقيود
رغم اللقاء الذي جمع بين وزير الإدارة المحلية وممثلين عن شركة «بيئة» الإماراتية في تشرين الثاني لبحث إمكانية تطوير قطاعات إدارة النفايات. يبقى الفراغ التشريعي عائقاً أساسياً، حيث تغيب الأطر القانونية الواضحة والمحفزات التي تشجع الشركات والأفراد على الانخراط في أنشطة إعادة التدوير.
فعلى سبيل المثال، يصطدم مركز إعادة التدوير في داريا بالعديد من المشكلات، من ضمنها منع تصدير المواد المعالجة، رغم شراء النفايات وفرزها بتكاليف عالية، بالإضافة إلى ما وصفه مدير المركز، غيث شربجي، «بالاحتكار المقنّع»، والذي يجعل من
بيع المواد داخل سورية حكراً على تجار محددين، وهو ما يعطل نمو القطاع، ويؤدي إلى تشوهات في السوق، تحد من فرص مراكز صغيرة كالذي في داريا من النمو والتطور، وتعيق دخول مستثمرين جدد.
يساهم غياب الدعم الحكومي أيضاً وضعف التخطيط وسوء الإدارة في تحويل المبادرات الفردية إلى جهود متفرقة لا ترقى إلى مستوى الأزمة. فمنذ سنة لم يتم العمل على تخصيص موارد كافية، وزيادة عدد العمال، بالأخص في المناطق المكتظة والتي تعاني من تراكم مستمر، إلى جانب تجاهل أهمية صياغة سياسات وتشريعات فعالة، وضعف التنسيق بين الجهات المعنية، وإقصاء المجتمعات المحلية.
فرص كامنة
إن تحويل قطاع النفايات إلى قطاع اقتصادي مُنتج ومشغل لليد العاملة، لن يحل المشكلة البيئية فحسب، بل سيساهم في تنويع الاقتصاد وتحقيق قيمة مضافة من موارد مهدورة.
وهذا يتطلب نهجاً شاملاً يتجاوز المعالجات الجزئية؛ ينطوي على التعامل مع الكميات الهائلة من النفايات والتي تُطرح في المكبات، أو تبقى متراكمة في الحاويات وعلى أطرافها، بوصفها مورداً اقتصادياً غير مُستغَل.
والأهم أن إدارة النفايات توفر فرص عمل جديدة، بدءاً من جمع النفايات ونقلها، مروراً بمعالجتها وتصنيعها، وصولاً إلى تسويق المنتجات المعاد تدويرها. ما يجعل من هذا القطاع محركاً للتنمية المحلية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1258
سارة جمال