الوعود الرسمية بتحسن واقع الكهرباء ذهبت أدراج الرياح...!
جاء التحسن الكهربائي النسبي بزيادة ساعات الوصل في منتصف الشهر الفائت في معظم المحافظات السورية، وكأنه سلوك رسمي لامتصاص الغضب والاستياء الشعبي بعد رفع أسعار الكهرباء، لكن لم يكد يمضي أسبوعان على هذا الكرم الواهم بتحسن الواقع الكهربائي حتى تعود ساعات التقنين الطويلة مع مطلع شهر كانون الأول، ويصبح الوضع، المتوقع شعبياً، «أسوأ» مع دخول فصل الشتاء.
فمع أول «مطرة» وأولى النسمات الباردة، انتهت صلاحية الوعود والتفاؤل الحكومي، الذي لا يسأم من مساعي الضحك على عقول المواطنين، بعد الأزمات التي لم تبصر حلولها النور يوماً بالتصريحات الرسمية المنمقة كلامياً!
فهذا التحسن النسبي والمحدود قابله اليوم زيادة في ساعات التقنين وصلت إلى أكثر من 6 ساعات قطع مقابل ساعة وصل في معظم المناطق في مدينة دمشق وريفها، أي بمعدل يصل إلى 20 ساعة قطع للتيار الكهربائي يومياً، دون أي توضيح رسمي أو تبرير كما جرت العادة، لتعود حالة الفوضى وانعدام انتظام مواعيد وصل وفصل التيار حتى لا يهنأ السكان بساعة كهرباء كاملة مع هذه الفوضوية، ليكشف هذا الواقع هشاشة التصريحات والتلميحات والادعاء بتحسن ملحوظ وزيادة في الإنتاج، مما يطرح تساؤلاً ملحاً بعيداً عن الخطاب الرسمي الآني المؤقت، حول تحسين الخدمة المقدمة مقابل إفراغ جيوب المفقرين مع زيادة أسعار الكهرباء المعلن عنها!
فهذه الزيادة التي وصلت إلى 60 ضِعفاً ووصفت بالخطوة الجريئة للإصلاح، جعلت المواطن يدفع مقابل لا شيء، فمعظم المناطق وخاصة (أحياء الفقر) ذات بنية تحتية متهالكة تتحول إلى قنبلة موقوتة في الشتاء مع زيادة الأحمال «الذريعة المعتادة»، فقد بدأت المحولات تشهد احتراقات واشتعال للكابلات لتتسبب بأعطال قد تستمر أياماً حتى تَمّن الطوارئ على المواطن وتستجيب لشكواه فيكون من المحظوظين بحلولها الإسعافية المؤقتة، فلا استبدال للكابلات المهترئة بل ترقيعها بلا صيانة شاملة، وجل ما هناك تصريحات «بالعمل على المتابعة والمعالجة».
من الواضح أن الحكومة غير جاهزة لتأمين كميات الكهرباء في حدودها الدنيا، أو أنها لا تريد عمداً بسياسة رسمية لا رجعة فيها لإنهاء الدعم لهذا القطاع وغيره، والتشجيع على البدائل التي تحقق المزيد من الأرباح لمستورديها، وما يثير الاستفهام أكثر غياب التصريح الرسمي عن مصير الكثير من الاتفاقيات والعقود والاستثمارات الخارجية الواعدة التي تم الادعاء بأنها ستحقق تحسناً ملموساً في واقع الكهرباء.
بالمحصلة، من الواضح أن أزمة الكهرباء لا ترتبط بعامل واحد، بل نتيجة تراكمات فنية وهيكلية عمرها سنوات بدءاً من تقادم العنفات بمحطات التوليد وغياب الصيانة الشاملة مروراً بنقص الوقود المناسب، ووصولاً إلى الفاقد التجاري والضياعات في الشبكات.
فما يحدث ليس مفاجئاً، بل نتيجة حتمية لسياسات إدارة الأزمة اليومية التي يبدو أنها تخلق مزيداً من التعقيدات والصعوبات التي أوقفت حال البلاد والعباد بدلاً من حلول جذرية لمعالجتها، فالخلاص يكون بالتخلص من دوامة الفشل والإهمال المتراكم.
فالواقع يتطلب إرادة سياسية حقيقية لبدء برنامج وطني طارئ لإعادة تأهيل هذا القطاع الحيوي وبتمويل واضح وتصريحات شفافة تُترجم على أرض الواقع بتحسن ملموس يضمن استمرارية الخدمة وتخفيض تكلفتها بما يحفظ كرامة المواطن، الحلقة الأضعف والخاسر الأكبر أمام ظلم السياسات الحكومية غير المدروسة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1257
منية سليمان