سرقة الكابلات وانقطاع الاتصالات... مسلسل من الجرائم لا ينتهي!
تعاني مناطق عدة في دمشق، وبالأخص نهر عيشة، وأوتستراد العدوي والدحاديل، من انقطاع شبكات الانترنت والاتصالات الأرضية منذ 3 أشهر. وربما ذلك هو نتاج للظاهرة التي تتغذى على ما يسمى بعملية «التنحيس»، القديمة والمستمرة منذ أكثر من عقد.
بينما تفضح الأرقام والمعطيات حجم المشكلة، ففي دمشق وحدها، تعرض حوالي 15 موقعاً لسرقة كابلات الاتصالات، وفقاً لما صرح به مصدر رسمي في وزارة الاتصالات لجريدة الوطن في 11 تشرين الأول.
فلا يكفي الأهالي حجم التخريب والدمار والسرقة الذي طال قطاع الكهرباء، وساعات التقنين الطويلة، حتى يحرموا لأشهر أيضاً من إحدى أهم الخدمات، نتيجة الشلل في شبكة الانترنت والاتصالات!
معاناةٌ لا تحتمل
يمثل الحرمان من خدمات الانترنت تحديداً نكسة حقيقية للعديد من الأفراد، بالأخص الطلاب ومن يعتمدون في عملهم على شبكة الانترنت، بالإضافة إلى أن شبكات الانترنت أصبحت تشكل المصدر الرئيسي للمعلومات في ظل الانقطاع الطويل للكهرباء، وغياب المحطات التلفزيونية، وبالتالي تصبح المناطق المتضررة شبه معزولة، مما يفاقم من المعاناة، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
وما زاد من استياء الأهالي هو التأخر في الاستجابة لإعادة الخدمة، فخلال 3 أشهر من الانقطاع، أعيد فقط 3 آلاف خط هاتف للعمل!
الحل الأمني ليس حلاً شاملاً
رغم تكرار أخبار إلقاء القبض على العصابات النشطة في سرقة الكابلات خلال الفترة الماضية، إلا أن استمرار عمليات السرقة يشير إلى أن الحلول الأمنية وحدها لا تكفي لمعالجة المشكلة وإيقافها بشكل كلّي. خاصة وأن هذه العصابات باتت لا تتردد في استخدام العنف والتهديد لتنفيذ أعمالها الإجرامية، مما يهدد سلامة المواطنين بشكل مباشر.
حيث يتطلب الأمر تكثيف الدوريات الأمنية، وبناء الثقة مع المجتمعات المحلية في سبيل التعاون بالإبلاغ عن أي شبهات تتعلق بسرقة الكابلات، والجرائم بشكل عام. والأهم، هو تجفيف منابع السوق السوداء، عبر ملاحقة شبكات الاتجار بالنحاس، وتجريم التعامل مع المواد المسروقة، وتطبيق عقوبات صارمة على المخالفين.
فضعف القدرة على المراقبة والمحاسبة، ومحدودية الإجراءات الرقابية لحماية البنى التحتية، والممتلكات العامة والخاصة، يساهم في تشجيع هذه العصابات على ارتكاب جرائمها، ويعزز شعورها بسهولة الإفلات من العقاب.
الوضع المعيشي شرط للاستقرار الأمني
من الطبيعي والمتوقع أن تتفشى الجريمة بكل أشكالها في ظل تدهور الوضع المعيشي وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، بالتوازي مع الانفلات الأمني الحاصل. حيث يصبح من السهل استدراج العاطلين عن العمل، والأفراد الذين يعيشون على حافة الفقر نحو سلوكيات غير قانونية، بما في ذلك سرقة الكابلات وبيعها لتجار النحاس والألياف الضوئية، بوصفها وسيلة يائسة للحصول على دخل، والخروج المؤقت من الضائقة المادية، على الرغم من العواقب الوخيمة.
ما يستوجب معالجة شاملة، حيث أن العلاقة بين الأمن والكرامة المعيشية والتنمية هي علاقة تكاملية، لا يمكن حل واحدة بدون الأخرى؛ فالأمن ليس مجرد غياب العنف، بل حالة عامة تشمل الأمن الاقتصادي والاجتماعي والنفسي، وهي كلها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتوفير معيشة كريمة، ما يتطلب العمل على رفع الرواتب والأجور بما يتناسب مع تكاليف المعيشة، وتحسين الخدمات الأساسية، وتبني مشاريع تنموية مستدامة توفر فرص عمل كريمة، بالإضافة إلى بناء مؤسسات قوية وشفافة تضمن الحقوق وتحاسب الفاسدين.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1248
سارة جمال