إغلاق عدد من المخابز الخاصة في طرطوس... تحقيق للعدالة أم عقوبة جماعية؟
سلمى صلاح سلمى صلاح

إغلاق عدد من المخابز الخاصة في طرطوس... تحقيق للعدالة أم عقوبة جماعية؟

أكد مدير التجارة وحماية المستهلك في طرطوس عبد الوهاب سفر، في 28 من آب، أن قرار إغلاق عدد من المخابز الخاصة في مختلف أنحاء المحافظة، هو نتيجة ارتكاب هذه المخابز لمخالفات جسيمة في الإتجار والتصرف بالطحين التمويني، وإنقاص وزن ربطة الخبز وعدد الأرغفة.

وفي حين أن التلاعب بالمواد التموينية وبحجم ووزن ربطة الخبز هي ممارسات تستحق اتخاذ إجراءات صارمة، لما فيها من استنزاف للموارد، وضرر يمس قوت المواطن بشكل مباشر، يثير قرار الإغلاق تساؤلات حول منهجية العقاب وفاعليته.

نتائج عكسية

رغم تأكيد سفر على وضعهم خطة لتغطية احتياجات القرى والأحياء المتأثرة بالإغلاق، إلا أن ذلك يصطدم مع تصريح سابق للمؤسسة العامة للمخابز، في 19 من كانون الثاني، كشفت فيه عن حاجة سورية إلى أكثر من 160 مخبزاً جديداً، حاجة طرطوس منها 4 مخابز.

ما يعني أن قرار الإغلاق قد يؤثر سلباً على المواطن قبل أن يؤثر على المخالفين. أولاً من ناحية الازدحام الذي ستشهده المخابز نتيجة الضغط الجديد، وما يترتب على ذلك من وقوف في الطوابير لساعات، وثانياً، انعكاس هذا القرار على الأسعار في السوق السوداء، وبالتالي زيادة في الأعباء على الأسر.

مفارقات تعمّق المشكلة

في ظل الحاجة لزيادة أعداد المخابز، يصبح الإغلاق خطوة تتنافى مع الأهداف المعلنة. ويثير هذا التناقض تساؤلات حول مدى التنسيق والتخطيط في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

فبدلاً من إغلاق المخابز، كان الأجدى البحث عن حلول بديلة تُمكن المخابز من الاستمرار في عملها، أو تقديم الدعم اللازم لتلبية المعايير المطلوبة، وحتى إعادة تأهيلها، بحيث تحقق العقوبة هدفها في حماية المجتمع وتحقيق العدالة، لا التسبب بضائقة جديدة.

فساد أعمق

وجود مخبز مخالف أو اثنين قد يكون مشكلة تُحل بعقوبات تصاعدية مالية وإدارية، أما الحديث عن «عدد» من المخابز داخل محافظة واحدة هو مؤشر على أن المشكلة ليست استثناء ولا فردية، بل ظاهرة منظمة تتطلب معالجة جذرية وشاملة تتعدى الإجراءات العقابية.

وانتشار المخالفات بهذه الكثافة هو مؤشر على وجود بيئة حاضنة للفساد، أي إن القضية لا تقتصر على «عدد» من المخابز في طرطوس فقط، بل هي ظاهرة عامة في جميع المحافظات، يلمس المواطن دلالتها بالنظر إلى التراجع الكبير في جودة رغيف الخبز.

مكافحة الفساد

لا تعد الأساليب العقابية التي تزيد من معاناة المواطنين حلاً ناجعاً. فالأجدى تطبيق نظام متدرج للعقوبات يبدأ بالغرامات والإخطارات، وتعزيز الرقابة، وإشراف مباشر على توزيع الطحين، وإنشاء نظام شكاوى فعال للمواطنين، والأهم الإعلان عن المخالفين بشكل شفاف.

فالهدف من العقوبة يجب أن يكون رادعاً وتصحيحياً؛ أي ردع المخابز عن ارتكاب المخالفات، وفي الوقت نفسه، تصحيح آلية العمل ومعالجة الأسباب التي أدت إلى ارتكاب المخالفة. ولكن عندما تؤدي العقوبة إلى حرمان المواطنين من حق أساسي مثل الخبز، تفقد العقوبة جزءاً كبيراً من مبررها وتتحول إلى مصدر معاناة للمواطنين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1242
آخر تعديل على الأحد, 07 أيلول/سبتمبر 2025 21:13