الحكومة تستثني نفسها من سياسات تخفيض وترشيد الإنفاق!
تتبع الحكومة سياسات تخفيض الإنفاق العام وتخفيض الدعم، وتفرض نهجها التقشفي المجحف بحق المواطنين بغالبيتهم المفقرة، فيما تستثني نفسها من كل ذلك!
فقد قررت الحكومة رفع سقف إصلاح السيارات الحكومية (السياحية، بيك آب، حقلية، بيك آب دبل كبين) من 600 ألف ليرة سورية سنوياً إلى 5 ملايين ليرة سورية سنوياً، وكذلك رفع سقف إصلاح سيارات الركوب المتوسطة والباصات الحكومية من مبلغ مليون ليرة سورية سنوياً إلى عشرة ملايين ليرة سورية سنوياً.
وبحسب القرار لا تدخل قيمة الإطارات والبطاريات والمدخرات والمصافي والفلاتر وأقشطة المحرك الخارجية وشفرات المساحات والكوليات ضمن المبالغ المحددة للإصلاح وإنما من خارج سلفة الإصلاح.
إن رفع سقف الإصلاح للسيارات الحكومية السياحية، استناداً إلى المبالغ أعلاه، بغض النظر عن مبرراتها وذرائعها، تعني زيادة الإنفاق على الإصلاح فقط بنسبة 733%!
فكم هي المبالغ التي ستصرفها الحكومة لتغطية الزيادة أعلاه في الإنفاق؟!
وماذا يمكن أن تغطي المبالغ المصروفة على السيارات السياحية الحكومية بحال تقشفت الحكومة ووجهتها إلى أساسيات المواطنين ولمصلحتهم؟
جرة القلم الحكومية بمبلغ 150 مليار ليرة سنوياً فقط!
لن نخوض بتكاليف إصلاح سيارات النقل الكبيرة المخصصة لنقل العاملين أو لنقل البضائع، ولا بالآليات الكبيرة المرتبطة افتراضاً بالمشاريع الحكومية عبر جهاتها العامة.
لكن بالمقابل نشير إلى أن أعداد سيارات الركوب الحكومية (الصغيرة والمتوسطة) تبلغ 29769 سيارة، وذلك بحسب تصريحات مدير النقل الطرقي في وزارة النقل لموقع أثر برس بتاريخ 5/10/2023، غير سيارات الركوب الكبيرة «الباصات»، وغير المركبات الزراعية وسيارات النقل وغيرها من الآليات الكبيرة!
على ذلك فإن المبلغ السنوي المسقوف لإصلاح السيارات، بعد القرار الحكومي بزيادة سقف مبلغ الإصلاح إلى 5 ملايين ليرة، وعلى عدد السيارات السياحية البالغ حدود 30 ألف سيارة، سيصبح 150 مليار ليرة سنوياً، وذلك للسيارات السياحية فقط!
فالحكومة بكل رحابة صدر وأريحية، وبجرة قلم رسمية، قررت هذه النسبة في الزيادة /733%/ دفعة واحدة، لكنها في الوقت نفسه تغص بحسابات حقوق المواطنين، فتزيد من جرعات التقشف والتقنين وتخفيض الدعم لهم، والأهم أنها لم تأخذ بعين الاعتبار أن ترفع أجور العاملين في جهاتها العامة بهذه النسبة ولا مرة واحدة طيلة السنوات الماضية!
22 مليون ليرة سنوياً تكلفة كل سيارة حكومية سياحية بالحد الأدنى!
بحسب بعض المتخصصين في الجهات العامة (مدراء نقل ورؤساء مرائب وأعضاء اللجان الفنية والإصلاح) فإن كل سيارة سياحية حكومية تكلّف قطع غيار، من خارج سقف الإصلاح، ما يعادل 10 ملايين ليرة بالحد الأدنى سنوياً، فتغيير الزيت والمصفاة لوحده لكل سيارة يكلف سنوياً أكثر من مليون ليرة، وكذلك الحال بالنسبة لتغيير المدخرات، أما في حال الاضطرار لإجراء عمرة للمحرك فإن الحديث يدور عن مبالغ بعشرات الملايين لكل سيارة، يضاف إليها التغيير الدوري للإطارات والكوليات بحسب المسافة المقطوعة لكل سيارة، فغالبية السيارات الحكومية مهتلَكة وقديمة، وتكلفة إصلاحها وقطع غيارها مرتفعة!
على ذلك فإن تكلفة السيارة السياحية الحكومية بين الإصلاح والصيانة وقطع الغيار تقارب 15 مليون ليرة، وبمجموع 30 ألف سيارة يكون المبلغ الإجمالي السنوي 450 مليار ليرة!
أما عن مصروف البنزين فإن كل سيارة سياحية حكومية تستهلك ما يعادل 100 ليتر بنزين شهرياً ووسطياً، أي 1200 ليتر سنوياً، وبتكلفة 10000 ليرة لكل ليتر فإن ذلك يعني أن كل سيارة تكلف سنوياً نحو 12 مليون ليرة، وبمجموع 30 ألف سيارة يكون المبلغ السنوي 360 مليار ليرة!
الحسابات التقريبية أعلاه، ونؤكد على تقريبها، تعني أن السيارات الحكومية السياحية تكلف ما يعادل 810 مليارات ليرة سنوياً تقريباً، ومع الاستثناءات التي يتم اتباعها عادة لتغطية بعض التكاليف الإضافية، مثل الاضطرار إلى تغيير المحرك بتكاليفه المليونية المرتفعة، فإننا نتحدث عن مبلغ يقارب 1000 مليار ليرة بالحد الأدنى سنوياً يصرف على السيارات السياحية الحكومية!
الأرقام المليارية التقريبية أعلاه تفرض تساؤلاً افتراضياً، ربما يكون في غير مكانه بالنسبة للحكومة!
ماذا تفعل 1000 مليار ليرة بحال شملت الحكومة نفسها بسياسات التقشف وتخفيض الإنفاق، ولو لمدة عام واحد فقط؟!
على مستوى الطاقات المتجددة!
ربطت وزارة الكهرباء، خلال شهر أيار 2023 برعاية وحضور وزير الكهرباء، مشروع محطة شمسية كهروضوئية في المدينة الصناعية بحسياء على الشبكة الكهربائية العامة، باستطاعة 3 ميغا واط، وبتكلفة 12 مليار ليرة سورية.
الخبر أعلاه يعني أن تكلفة توليد 1 ميغا واط بالطاقة الشمسية هي 4 مليارات ليرة.
على ذلك فإن 1000 مليار ليرة، لو تم توظيفها بمشاريع الطاقات المتجددة، فستولد 250 ميغا واط، وذلك خلال سنة واحدة فقط!
فهل تتقشف الحكومة لمدة عام واحد فقط لتضيف إلى الطاقة الكهربائية هذه الكمية من التوليد، بحيث يتم التقليل من ساعات القطع الكهربائي على المواطنين؟!
على مستوى المواد المدعومة!
سعر كيلو السكر الحر، يتضمّن نسباً وهوامش أرباح كبيرة، بحدود 15 ألف ليرة، ومبلغ 1000 مليار ليرة يستطيع أن يؤمن كمية 66 مليون كغ من السكر بالحد الأدنى، وبحال تم توزيع هذه الكمية على 5 ملايين بطاقة ذكية فإن حصة كل بطاقة أسرية تكون كمية تتجاوز 13 كغ من السكر خلال العام، وكذلك الحال بالنسبة لمادة الرز!
على ذلك فإنه من الممكن بكل أريحية أن يتم توزيع المواد المقننة (رز وسكر) على أصحاب البطاقات جميعهم، مدعوم وغير مستحق للدعم، وبواقع 6 كغ رز و6 كغ سكر مجاناً لمدة عام!
فهل تتقشف الحكومة لمدة عام واحد لتحافظ على حقوق أصحاب البطاقات، وتؤمن لهم هذه الكميات المجانية من مواد المقننة (رز وسكر) بدلاً من الإجحاف بحقهم والاستمرار بسياسات إنهاء الدعم الظالمة عن هذه المواد؟!
على مستوى مازوت التدفئة!
تكلفة ليتر المازوت الحر بحسب النشرات السعرية الرسمية بحدود 10 آلاف ليرة، أيضاً متضمنة نسب وهوامش الربح!
على ذلك فإن 1000 مليار ليرة تؤمن كمية 100 مليون ليتر مازوت، وبحال تم توزيعها على أصحاب البطاقات الذكية البالغ عددها 5 ملايين بطاقة فإن ذلك يعني أن حصة كل بطاقة ستكون 20 ليتر مازوت مجانية بالحد الأدنى!
فهل تتقشف الحكومة لمدة عام واحد لتؤمن كمية 20 ليتر مازوت تدفئة مجاناً لكل صاحب بطاقة ذكية، لتمنع عن أسرته شر برد الشتاء، ولو لأيام محدودة؟!
توجه لتجديد أسطول السيارات الحكومية أيضاً!
الأمر بالنسبة للحكومة لم يقف عند حدود استثناء نفسها من إجراءات التقشف على مستوى الإنفاق على السيارات السياحية المخصصة، بل هناك توجه لديها بتجديد أسطول سياراتها أيضاً، ما يعني تحميل الخزينة العامة آلاف المليارات الإضافية لهذه الغاية خلال الفترة القريبة القادمة، في الوقت الذي تستمر فيه بسياساتها التقشفية الظالمة على حساب الغالبية المفقرة!
فهل من المستغرب طرح الكثير من الأسئلة الافتراضية التي تفرض نفسها لقاء استثناء الحكومة نفسها من إجراءات تخفيض الإنفاق العام وترشيده، مقارنة بالمبالغ المليارية التي يتم تحميلها للخزينة العامة، من جيوب وعلى حساب المواطنين طبعاً، ومقابل استمرارها بسياسات تخفيض الدعم الجائرة عليهم؟!
فالمبررات الذرائعية التي تأخذ بها الحكومة على مستوى تكاليفها وحساباتها وأسعارها، وأخيراً على مستوى تكاليف أسطول سياراتها السياحية المخصصة، ومساعي تجديده، تغض الطرف عنها ولا تأخذ بها عندما يتعلق الأمر بحقوق المواطنين، وخاصة الغالبية المفقرة منهم!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1163