لا أمل في التحسن الكهربائي!
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

لا أمل في التحسن الكهربائي!

بحسب وزير الكهرباء، خلال حديثه لإذاعة المدينة إف إم بتاريخ 8/3/2023، فإن: «حالة الطقس وتأهيل بعض المحطات سيحسن التقنين بداية الشهر القادم»!

وكذلك أشار الوزير إلى: «الوصول للمراحل النهائية من وضع المجموعة الأولى من محطة حلب الحرارية في الخدمة، والتي تحتاج إلى اختبار مدته 15 يوماً كحد أقصى، لتوفر بدورها 200 ميغا واط للشبكة».
فهل من الممكن التعويل على التصريح أعلاه حول تحسين الواقع الكهربائي، أم إنه كما غيره من التصريحات الرسمية الخلبية، التي ستذروها الرياح ليطويها النسيان!

التعويل على متغيرات الطقس فقط!

بحسب صحيفة الوطن بتاريخ 8/3/2023، نقلاً عن وزارة الكهرباء، فإن: «مجموعات التوليد العاملة حالياً قادرة في حال تم تأمين مادة الغاز على توليد حتى 4500 ميغا واط وهو ما يعادل 60 بالمئة من حاجة البلد كهربائياً.. وبالتالي فإن الطاقة الإنتاجية الحالية لا تتجاوز 50 بالمئة من الطاقة التشغيلية المتاحة لمجموعات التوليد العاملة»!
كذلك فقد صرح وزير الكهرباء للصحيفة أن «زيادة ساعات التقنين خلال الأيام الأخيرة كان سببها نقص توريدات مادة الفيول، الأمر الذي تسبب في توقف بعض مجموعات التوليد العاملة على مادة الفيول».
فالمشكلة بالنسبة لتشغيل مجموعات التوليد العاملة هي عدم توفر مادتي الغاز والفيول!
بناء على ما سبق فإنه حتى لو تم وضع المجموعة الأولى من محطة حلب الحرارية في الخدمة، بحسب حديث الوزير، فهذا لا يعني بالضرورة تحسن في ساعات التزود بالطاقة الكهربائية، طالما أن المشكلة المتمثلة بنقص الغاز والفيول قائمة ومستمرة!
وبالتالي فإن حديث الوزير لإذاعة المدينة إف إم أعلاه، حول تحسن التقنين بداية الشهر القادم، لا علاقة له بمحطات التوليد لا من قريب ولا من بعيد، بل له علاقة فقط بتحسن حالة الطقس، وهو ما يمكن التعويل عليه نسبياً فقط لا غير!

المشكلة الأعمق!

أما المشكلة الأكبر والأعمق فهي الترجمة العملية لما ورد بحسب البيانات الوزارية المختصرة أعلاه، والتي تعني أن ما يتم توليده من طاقة كهربائية حالياً لا يتجاوز 2200 ميغا واط فقط، وما يعادل 30% من حاجة البلد في أحسن الأحوال!
فالنقص في الاحتياج الكهربائي الذي يبلغ 70%، لن تستطيع محطات التوليد العاملة من تغطيته بحال من الأحوال، حتى وإن تم تأمين ما يكفي من غاز وفيول لتشغيلها!
اما الفاقع في الأمر فهو أن كميات الغاز اللازمة لتشغيل محطات التوليد هي من الإنتاج المحلي وليست استيراداً، بحسب تصريحات رسمية سابقة، ما يعني أن التذرع بنقص التوريدات بهذا الشأن لا مكان لها، لتبقى المشكلة مرتبطة بما يتم توريده من قبل وزارة النفط إلى وزارة الكهرباء من كميات غاز لزوم تشغيل محطات التوليد العاملة على الغاز، والتي تعتبر الأكبر إنتاجاً بالمقارنة مع المحطات العاملة على الفيول!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن آبار الغاز، الموضوعة بالاستثمار والخدمة، أو المكتشفة حديثاً، والتي تم الإعلان عن وضعها بالاستثمار خلال السنوات القليلة الماضية، مع الكثير من البهرجة الإعلامية المصاحبة، هي آبار مخصصة لإنتاج الغاز التشغيلي لمحطات توليد الكهرباء، وليست لإنتاج الغاز المنزلي، وذلك أيضاً بحسب تصريحات رسمية سابقة بهذا الشأن!
وعلى اعتبار أنه لم يسبق التذرع بنقص التوريدات المستوردة من الغاز التشغيلي لمحطات التوليد، كحال التذرع بما يخص توريدات الفيول بين الحين والآخر، فهذا يعني افتراضاً أن الكميات المتوفرة من الإنتاج المحلي للغاز كافية لتشغيل هذه المحطات ولو نسبياً وفقاً لمعدلات إنتاجها الفعلي، أي إن المشكلة يمكن تلخيصها بما تورده وزارة النفط من كميات غاز إلى وزارة الكهرباء لتشغيل محطات التوليد، والتقنين بهذه التوريدات إلى الحدود الدنيا، وصولاً إلى كم الإنتاج الحالي المتواضع من الطاقة الكهربائية المبين أعلاه!

سؤال واحد.. وإجابة مختصرة!

والسؤال الذي يطرح نفسه بعد كل ما سبق بهذا الشأن:
من المتحكم بقرار تزويد وزارة الكهرباء بالكميات اللازمة من الغاز التشغيلي لمحطات التوليد العاملة من قبل وزارة النفط، ولماذا؟!
ولعل الإجابة باختصار يمكن تبويبها بشقين:
الأول له علاقة مباشرة بسياسات تخفيض الدعم الجائرة المعمول بها، والماضية نحو استكمال إنهاء الدعم على الطاقة الكهربائية بشكل كلي على ما يبدو، كماً وسعراً، وهو ما يجري، وليس آخراً بهذا الصدد الإعلان عن دراسة لزيادة الأسعار على الشرائح التجارية والصناعية!
والدليل الإضافي على ذلك هو ما وصلنا إليه من زيادة في ساعات التقنين الكهربائي المنزلي، والتي وصلت يومياً إلى أكثر من 20 ساعة، وفي بعض المناطق أكثر من ذلك، مع عدم التفاؤل بالتحسن فيها إلا وفقاً لمتغيرات الأحوال الجوية!
والثاني له علاقة بسياسات الخصخصة، المباشرة وغير المباشرة، على قطاع الطاقة الكهربائية (إنتاجاً وتوزيعاً وبيعاً)، تحت مسميات وعناوين مختلفة!
والدليل على ذلك ما صدر من قوانين وتعليمات وقرارات بهذا الشأن حتى الآن، وزيادة توسيع وانتشار تجارة الأمبيرات، وغيرها من البدائل، بما في ذلك ما قيل عنه إنه تشجيع لزيادة استخدام هذه البدائل من خلال القروض!
على ذلك فإن كل الذرائع والمبررات عن سوء الواقع الكهربائي، وعن زيادة ساعات التقنين، أو الوعود بتحسين التزود بالطاقة الكهربائية، تعتبر ساقطة!
فمن الواضح أن النية الرسمية مبيتة ومعقودة على استكمال إنهاء الدعم الكلي على قطاع الطاقة الكهربائية، كما غيره من القطاعات الأخرى، بالتوازي مع استمرار سياسات الخصخصة الماضية فيها تباعاً!
وربما لا داعي لتكرار الحديث عن كبار أصحاب الأرباح المحظيين والمستفيدين من كل ذلك، ومن جملة السياسات الظالمة المنحازة لمصلحتهم فقط لا غير!
فلا أمل بتحسين التزود بالطاقة الكهربائية، بل لا أمل بأي تحسن على أي قطاع أو على أي مستوى، طالما استمرت السياسات المجحفة على حالها، وطالما بقيت مسخّرة لمصلحة كبار أصحاب الأرباح من ناهبين وفاسدين ونافذين على حساب مصلحة البلاد والعباد!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1113