ملف المعتقلين والمختفين ومرسوم العفو

ملف المعتقلين والمختفين ومرسوم العفو

يعتبر ملف المعتقلين والموقوفين والمختفين والمفقودين من الملفات الشائكة والمعقدة، والبدء بحله، وصولاً لإغلاقه، يمكن اعتباره عتبة هامة وضرورية كمدخل للمصالحة الوطنية، وبالتالي للحل السياسي المنشود.

وعلى الرغم من أهمية الملف وضرورة حله إلا أنه ما زال مثاراً للخلاف والاختلاف، حيث يتم استثماره من قبل القوى الفاعلة والمؤثرة، محلياً وإقليمياً ودولياً، لأبعد الحدود، بالاعتماد على طبيعة تشابك عوامله بين الإنساني والسياسي والأمني والاجتماعي والاقتصادي، داخلاً وخارجاً.

مساعي يائسة لإعادة هندسة الاصطفافات

صدر مرسوم العفو الأخير، وتم البدء بتنفيذه، وعلى الرغم من محدوديته (حيث لم يشمل إلا الجرائم المنصوص عنها في قانون مكافحة الإرهاب فقط) فقد اعتبره بعض الحقوقيين الأشمل بما يخص الجرائم المنصوص عنها بهذا القانون، حيث لم يلحظ في متنه إلا استثناء وحيد هو الجرائم التي أفضت الى موت إنسان.
بالمقابل فقد كان المرسوم بالنسبة للبعض، دولاً ومنظمات وقوى وأفراداً، نقطة ارتكاز جديدة يمكن الاتكاء عليها لنكئ الجراح المفتوحة والغائرة في جسد المجتمع السوري غير المعافى، وخاصة مع تداول مقاطع الفيديو التي صورت حال المنتظرين من الأهالي لمن سيطلق سراحهم في الشوارع، بغاية إعادة بث الحياة في بعض الثنائيات الوهمية التي كانت قد بدأت بالتهاوي تباعاً مع مروجيها خلال السنوات السابقة وخاصة (سني- علوي، نظام- معارضة، عربي- كردي) مع مساعي بائسة ويائسة لإعادة هندسة الاصطفافات السياسية والمجتمعية وفقاً لهذه الثنائيات بالضد من مصلحة غالبية السوريين، الذين اكتووا بالحرب والأزمة، وما زالوا يعانون من نتائجها وتداعياتها، العميقة والمستمرة وغير المنتهية، بغض النظر عن أماكن تواجدهم، والذين توضحت لدى غالبيتهم بحكم تجربة الخطأ والصواب الثنائية الحقيقية الواجب الاصطفاف معها والمعبرة عن مصالحهم وهي (ناهب- منهوب) والتي تتضمن فيما تتضمنه كشف الوطني من غير الوطني في الاصطفاف النهائي أيضاً.

خطوة هامة غير كافية

بعيداً عن مساعي الاستثمار في مرسوم العفو ونتائجه، والأعداد التي يمكن أن تستفيد منه بالنتيجة، فإن صدوره والبدء بتنفيذه يعتبر خطوة هامة وضرورية باتجاه حلحلة الملف الكبير والشائك والمعقد، ولكنها خطوة غير كافية للوصول إلى المصالحة الوطنية، كتمهيد للوصول للحل السياسي المنشود، بجوهره التغييري الشامل والعميق.
فهذه الخطوة بحاجة للمزيد من الخطوات الكثيرة الأخرى، وصولاً الى اغلاق الملف بشكل نهائي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن عوامل الاحتقان المجتمعي لا تقتصر على هذا الملف الهام فقط، بل هناك الكثير من الملفات المسببة للاحتقان، ومن دون البدء بحلها جميعاً فإنها ستبق من مسببات التفجر المجتمعي مجدداً، ومن أهم هذه الملفات هو واقع التقسيم الجاري في البلاد بين مناطق نفوذ مختلفة، مع ما تخلفه هذه الحال من تقطيع بالأوصال الاقتصادية والمجتمعية، بالإضافة الى الواقع الاقتصادي المستنزف من قبل امراء الحرب والفاسدين المسيطرين على مناطق النفوذ التقسيمية تلك، وما تسفر عنه مجتمعة من نتائج تكرس الحال الكارثي للسوريين، بل وتزيدها سوءاً، وبغاية تأبيدها كما يرغب ويرجو البعض على ما يبدو!

لا فكاك من الحل السياسي الناجز

بغض النظر عن كل ما يمكن أن يضاف من ملفات هامة واجبة الوضع على طاولة البحث والنقاش من أجل حلحلتها، سوياً وتباعاً، وبكل اختصار نعيد التأكيد أنه لا مفر ولا فكاك من استحقاق تنفيذ القرار الدولي 2254 الخاص بالحل السياسي للأزمة السورية جملة وتفصيلاً، وبأسرع وقت ممكن، باعتباره البوابة الموضوعية الوحيدة المتاحة للوصول للحل التغييري الناجز والنهائي، والذي يحتاج بداية لرص صفوف جميع الوطنيين السوريين من أجل وضعه بالتنفيذ، بغض النظر عن الراعي الدولي المساعد لإنجاز وانجاح هذه العملية، أكانت الأمم المتحدة بحال صدق نواياها، أو مجموعة دول أستانا، وهو الأفضل على كل حال، خاصة بظل متغيرات الواقع الدولي، ومخاضه العاصف الذي نعيش تداعياته، لكننا سنحصد نتائجه الإيجابية من كل بد، بما في ذلك التسريع بالحل السياسي رغماً عمن ليس له مصلحة فيه من المتشددين بمختلف مواقعهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1069
آخر تعديل على الإثنين, 09 أيار 2022 09:59