المحروقات والمواصلات أزمات دورية لا تنتهي..
دعاء دادو دعاء دادو

المحروقات والمواصلات أزمات دورية لا تنتهي..

علاوة عن عشرات الأزمات التي تعصف بالمواطن السوري في حياته اليومية، تفاقمت مؤخراً أزمة «بنزين» منذ حوالي شهر، وهي ليست المرة الأولى عملياً، ففي كل عام وبنفس التوقيت تتفاقم المشكلة خالقة أزمة، وقد ترافقت معها أيضاً أزمة الـ«مازوت» كالعادة أيضاً.

ومن البدهي أن تترافق مع هاتين الأزمتين أزمة المواصلات الخانقة، والتي أنهكت فعلياً كاهل المواطن السوري واستنزفت وقته وصبره، في ظل الغياب الواضح للدور الحكومي.

كوارث طبيعية

أدى نقص مادة «البنزين» الحاد في دمشق إلى ظهور الشكل الطبيعي والمعتاد للطوابير التي تمتد لمئات الأمتار أمام الكازيات، ولانتظار السائقين ساعات طويلة لحصولهم على الكمية المخصصة والمحدودة جداً لهم، هذا وإن قُدر لهم الحصول على هذه الكمية أصلاً.
عدا عن ذلك، فقد شوهدت حالات للبعض وهم يدفعون سياراتهم يدوياً لإيصالها إلى محطة الوقود، إما رغبةً بتوفير ما أمكنهم من البنزين، أو بسبب انتهاء المادة من السيارة كلياً.
وما ينطبق على السيارات بهذا الخصوص، ينطبق أيضاً على السرافيس أيضاً، فالمشكلة والأزمة في الكازيات موحدة، لكنها بنسب متفاوتة.

ذرائع لرفع الأجور

بالرغم من عدم وجود التزام لدى سائقي التكاسي بــ «عداد الأجرة» كالعادة، ووضع حجج وذرائع كثيرة لعدم التزامهم فيه، والارتفاع المستمر لسعر مادة البنزين وعدم توافرها بالأساس، ومن قلب الأزمة الحالية التي تمر فيها البلاد من عدم توفر المحروقات، فذريعتهم المحدثة هذه المرة هي معاناتهم الكبيرة بالوقوف بدور «طابور الكازية» لساعات طويلة، مما استهلك وقتهم دون جدوى ودون عمل وعائد مادي، وهذه الذريعة الجديدة التي اعتمدها أغلب السائقين لوضع تسعيرة جديدة خاصة بهم، والتي وصلت بعضها إلى الضعف، حتى وإن كانت المسافة قصيرة.

موضة العصر

باتت ظاهرة «الاشتراط» للسائقين لمكان الذهاب، والمبلغ المالي الذي يطلبونه قبل ركوب الزبائن لسيارة الأجرة- موضة العصر- وكالعادة المواطن هو من يدفع ثمن عدم انتظام وانضباط عمل التكاسي.
فاضطرار المواطنين في بعض الأوقات، وساعات الذروة خصوصاً مساءً، لركوب سيارات الأجرة لعدم توافر باصات النقل الداخلي والميكرو باصات زاد من طمع الكثيرين منهم، واستغلال المواطن وامتصاص دمه أكثر فأكثر دون رقيب أو حسيب.
فعلياً، ليست هناك أزمة حقيقية لسيارات الأجرة، أو زيادة في الطلب عليها عن المعتاد، لكن حقيقةً ما يحصل أن الوقوف لساعات طويلة على طوابير الكازية، أدى إلى نقص بعدد سيارات الأجرة العاملة وخروج بعضها عن الخدمة خلال فترة التعطل بسبب الطوابير.
ومن هنا تكون أزمة البنزين والمازوت قد ساهمت بخلق أزمة المواصلات، وتكون قد ساهمت بخلق حجج وذرائع جديدة لبعض السائقين بلا أي تأنيب للضمير.
والحال ذاته بالنسبة لـ«ميكرو باص»، فمنذ ظهور ظاهرة الـ«طوابير» والانتظار على الكازيات- انخفض عدد وسائل النقل وزاد الازدحام، إضافةً إلى ذلك، فإن تعاقد أغلب «السرافيس» مع طلاب المدارس قد زاد عبئاً فوق العبء الموجود أساساً.

الريف زيادة أعباء

بالرغم من كل تلك الذرائع لزيادة أجور التنقل، إلا أنها تشكل عبئاً صغيراً ضمن أرجاء المدينة أمام عبء التنقل بين الريف- المدينة.
فإن كان هناك من يستطيع التنقل بين أحياء المدينة سيراً على الأقدام عند الضرورة، فهذا الأمر من المستحيل فعله أثناء التنقل بين الريف والمدينة لعشرات الكيلومترات، وهذا قد ساهم من زيادة الاستغلال للمواطنين.
فلم يسلم المواطنون من استغلال بعض أصحاب السرافيس لساعات الذروة والازدحام، حيث يفرضون تسعيرة خاصة خلال هذه الأوقات، وخاصة في ساعات المساء والليل، حيث لا يكتفي هؤلاء بالتسعيرة الرسمية.
أما اللجوء إلى التكاسي في حال الاضطرار للتنقل بين الريف والمدينة فيعني كارثة على مستوى ما قد يشترطه السائق من أجرة، وفي أحسن الأحوال حتى اللجوء إلى تكسي سرفيس بهذه الحالة يصبح مرهقاً من الناحية المادية استغلالاً لحاجة المواطنين.

لا حلول حقيقية

الجميع يتحدث عن معاناته الكبيرة، المواطن والسائق. أصحاب سيارات النقل والسرافيس، بسبب طول مدة انتظارهم في الطوابير من أجل الحصول على مخصصاتهم غير الكافية من المحروقات، والمواطن بسبب استغلال وجشع بعض السائقين وعدم الاكتفاء، وتعويض ساعات الوقوف بالطوابير من جيبة المواطن كالعادة.
هذه المعاناة أصبحت موسمية، ولها أوقات مخصصة كل عام، وانعكاساتها السلبية هذه لم تقتصر فقط على الفترات الزمنية بـ «الانتظار»! بل لها انعكاس سلبي على واقع النقل في المدينة، بسبب التوقف عن العمل لساعات الانتظار الطويلة وخلق المزيد والمزيد من الازدحام والمشاجرات على مواقف «الميكرو باص» من أجل الفوز بمقعد للجلوس للأسف.

هذا ما سعى إليه سماسرة الحرب ومُفتعلو الأزمات، وهذا الذي عَمِلَ له جميع المعنيين بهذا الموضوع، وهو الغياب التام لكل الجهات المعنية، ابتداءً من مسؤولي خطوط السرافيس، مروراً بشرطة المرور، وانتهاءً بشركة محروقات ووزارة النفط.
فلا حلول موجودة نهائية، ولا خطط حكومية حقيقية واضحة تكون لصالح المواطن السوري، بل كل ما هنالك زيادة من الاختناقات التي تزيد من خلق الأزمات الجديدة، وظهور أدوار قديمة جديدة للسماسرة والمستغلين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
986
آخر تعديل على الإثنين, 05 تشرين1/أكتوير 2020 18:11