المتاهة العفرينية

المتاهة العفرينية

كلُّ الأبواب تم طرقها، من محافظة حلب إلى دمشق، وكل المعنيين على علم بالموضوع، ألا وهو منع انتقال مواطني منطقة عفرين إلى الداخل السوري، وفي حال تلبسهم «بالجرم المشهود»، والعثور صدفة على أحد هؤلاء في مناطق سيطرة الدولة تنسب إليه تهمة «دخل تهريب»!.

المشكلة عمرها سنتان، والمعاناة تشمل عشرات الآلاف من المواطنين السوريين الذين يعاملون معاملة شاذة، عجيبة غريبة، إنهم مواطنو منطقة عفرين المكلومة والجريحة والمحتلة.

تهمة بمثابة الإدانة

كيف تطلق عبارة «دخل تهريب» على المواطن، كتهمة بمثاب الإدانة، وهو مواطن سوري، ويحق له افتراضاً، الانتقال ضمن أراضي الجمهورية العربية السورية، مثل أي مواطن سوري آخر دستوراً وقانوناً؟ حيث وبدلاً من ذلك يتم إلقاء القبض عليه موجوداً، وحجز حريته بأحد مراكز التوقيف في مناطق الشهباء في ريف حلب، المنطقة التي تضم نازحي عفرين، أو تفرض عليه العودة.
فإذا كان السبب هو أنَّ منطقة عفرين محتلة من قبل تركيا مع الأسف، فمناطق سورية أخرى كثيرة محتلة أيضاً مثل (الباب وإعزاز، والراعي وجرابلس وغيرها) مع شديد الأسف، لكن هذه المعاملة «القراقوشية» كانت من نصيب العفرينيين، كحالة استثنائية، وبدون أسباب ومبررات ومسوغات طبعاً!، وكأن كل السوريين يعاملون معاملة، وأهل عفرين معاملة أخرى!.
أما كيف ولماذا؟ فهذا شأن «القراقوشيّين» وبمسؤوليتهم.

أمثلة تمييزية حيّة

عائلة عفرينية (الزوج الطبيب، والزوجة والأولاد) «التُقطت» في حلب، فاقتيد الأب مباشرة إلى الخدمة العسكرية، وربما في ذلك مشروعية، أما بقية أفراد العائلة فأعيدوا إلى عفرين قسراً!.
السؤال: ما معنى هذا الإجراء؟ وهل من تفسير مقنع، أو توضيح حتى نعرف الهدف من وراء هذا المنع والإعادة القسرية؟.
بالله عليكم بأيِّ مبرر تجري مخالفة الدستور، ويتم انتهاك حقوق المواطنة بهذا الشكل؟، حيث لا يعامل أيُّ سوري آخر مثل هذه المعاملة الجائرة والتمييزية!.
مثال فاقع آخر؛ تم قطع أجور العاملين لدى دائرة كهرباء عفرين وإيقاف استحقاقاتهم، رغم أنَّ نظراءهم في مناطق إعزاز وغيرها يقبضون رواتبهم!.
فهل السوريون درجات، بحيث يعامل مواطنو عفرين بالذات بالدرك الأدنى من درجات التعامل الرسمي؟.

طرق طويلة وتكاليف مرهقة!

مشكلة أخرى تواجه أبناء المنطقة تتعلق بانتقالهم وطرق العبور المتاحة أمامهم.
فإذا أراد العفريني الذهاب إلى مدينة حلب لحاجة ماسَّة، علماً أنَّ المسافة إلى حلب لا تتجاوز عشرة كيلومترات، تبدأ مسيرته من منطقة سكنه في الشهباء إلى منبج ومنها إلى مسكنة، ومن ثم إلى مدينة الطبقة وإلى دير الزور، ثم إلى حمص، ومنها وأخيراً إلى حلب.. وكل هذا المشوار وهو معرّض في كل لحظة ليقبضوا عليه عند أي حاجز، ليعيدوه من حيث أتى!.
وهناك طريق آخر، وذلك بالذهاب إلى القامشلي عبر منبج، ومن القامشلي بالطائرة إلى دمشق، ومن دمشق براً إلى حلب، هذا إذا كان محظوظاً ولم تلتقطه الدوريات أو «الأجهزة المعنية».
ولكم طبعاً أن تتخيلوا حجم المعاناة والمكابدة، والساعات المهدورة على الطرقات، ناهيك طبعاً عن التكاليف الكبيرة المرهقة، بالإضافة إلى الابتزاز من قبل المهرِّبين، الذين نشطوا على هامش هذه المشكلة والمعاناة وغيرها، وعلى حساب المواطنين استغلالاً لظروفهم وضروراتهم.

أسئلة مشروعة

لمصلحة من استمرار مثل هذه الإجراءات والممارسات التمييزية، المخالفة للدستور بالمطلق؟.
ألا يكفي السوريين ما يعانونه من الصعوبات المعاشية والحياتية؟
ألا يكفي أهل عفرين معاناتهم في ظل الاحتلال التركي البغيض، ومرتزقته من المسلحين، من ظلم وجور ونهب وسلب وووو، أو ما يعانونه في مناطق نزوحهم في مناطق الشهباء وفي المخيَّمات؟.
هل هذا التمييز «القراقوشي» يعزز اللحمة الوطنية أم يضعفها ويضيف إليها شروخاً إضافية؟.
لا شكَّ أن حلَّ المشكلة برسم المعنيين من الرسميين، وخاصة المسؤولين عن تطبيق وإنفاذ حقوق المواطنة في هذه المنطقة، وصونها، وصون كرامة المواطنين وحقوقهم المتساوية بالمواطنة.
فهل من مجيب؟.

معلومات إضافية

العدد رقم:
951
آخر تعديل على الأربعاء, 05 شباط/فبراير 2020 13:56