معاً.. للسوق وليس للمواطن
تصدمنا بعض التصريحات الرسمية أحياناً، ليس بمضمونها المعاكس للواقع، فهذه كثيرة لا عد لها ولا حصر، بل لتفردها على مستوى تفسير المهام الموكلة للجهة العامة، عبر إحداث تسميات جديدة لمهام موجودة بصلب عملها أصلاً.
مثال جديد على ذلك أتى على لسان مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية، تم تداوله عبر وسائل الإعلام مؤخراً يقول: «الوزارة شكلت مجموعات عمل استقصائية في كل المحافظات تقوم بسبر الأسواق ودراستها من حيث الالتزام بالأسعار ومدى توفر المواد والسلع، وعدم وجود ممارسات تخل بالأنظمة والقوانين واتخاذ الإجراءات المناسبة بناء على ذلك بما يضمن استقرار الأسواق كميا وسعرياً».
حملة «معاً» الوزارية
حديث المدير أعلاه جاء تعقيباً على حملة أطلقتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نهاية الشهر الماضي تحت عنوان: «معاً في مواجهة الغش والتلاعب بالأسواق»، والتي تهدف بحسب البيان الوزاري الصادر بشأنها إلى: «التأكد من توافر السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية بالأسواق ونوعيتها ومدى مطابقتها لشروط الصحة والسلامة الغذائية السورية، وخاصة أغذية الأطفال وحقيقة الأسعار فيها، ولا سيما التأكد من عدم وجود ارتفاعات غير منطقية بالأسعار ومنع محاولات البعض استغلال تقلبات سعر الصرف لرفع الأسعار واتخاذ الإجراءات الرادعة بحقهم».
مع تحديد موعد الحملة بأسبوع واحد فقط.
وبالعودة إلى الحديث عن مجموعات العمل الاستقصائية وفقاً للمهام الواردة أعلاه، نتساءل:
ما هو الفارق بين مهام هذه المجموعات المؤقتة، ومهام عناصر الرقابة التموينية الدائمة؟
فعناصر الرقابة التموينية أصلاً مناطة بهم هذه المهام وغيرها، وهؤلاء يعتبرون ضابطة عدلية وفقاً لقانون حماية المستهلك المطبَّق.
ومزيداً بهذا الشأن نتساءل: هل تشكيل مجموعات العمل أعلاه تعتبر بديلاً عن عناصر التموين، أم اعترافاً بعدم جدوى عمل هؤلاء المراقبين؟.
ولعل التساؤل الأهم: هل عمل الوزارة وفقاً للمهام أعلاه هو عمل موسمي مرتبط بالحملة الحالية لمدة أسبوع واحد فقط، أم هو عمل من المفروض أن يكون مستمراً ودائماً باعتبار أن هذه المهام تعتبر من صلب عمل الوزارة؟.
من مع من؟
يبقى أن نتساءل عن مفردة «معاً» الموجودة في عنوان الحملة أعلاه، ولمن موجهة، هل للمواطن، أم للتاجر، أم للمهرب، أم للمحتكر، أم...؟
فالمواطن على سبيل المثال سبق وأن استنفذ كل إمكاناته من أجل أن يكون معه أحد في مواجهته مع غيلان السوق وحيتانه، إلّا أنه ما زال وحيداً في هذه المواجهة، وربما لا داعيَ للمزيد من الحديث عن واقع الأسعار المنفلتة، وواقع تردي النوعية والمواصفة للسلع والخدمات.
ولعل التفسير الحقيقي لمفردة معاً بهذا السياق يمكن ترجمتها معاً الموجهة للسوق وآلياته، خاصة وأن الوزارة نفسها تعترف بأن آليات العرض والطلب هي المتحكم أولاً وآخراً بهذه السوق، تاركة المواطن المستهلك على ضفاف هذه الآليات أو غارقاً بها غالباً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 935