جرة الغاز ما زالت وسيلة لإذلال وابتزاز المواطن
الأزمات المعيشية والخدمية في سورية لا تكاد تتوقف، وكذلك شكاوى المواطنين، خصوصاً من ذوي الدخل المحدود الذين يعيشون تحت ثقل أسعار الأكل والشرب والمؤونة ومازوت التدفئة وفي نهاية المطاف «الغاز».
أكد مصدر في شركة المحروقات «أن ناقلة غاز وصلت خلال اليومين الماضيين، ومن المتوقع وصول ناقلات أخرى محملة بالغاز خلال الفترة القادمة، وبيّن أنه تم توزيع 42 ألف أسطوانة غاز لمدينة دمشق وريفها، وأن هذه الكمية تغطي حاجة السوق، إذ كان يتم توزيع بين 30 و35 ألف أسطوانة يومياً خلال الفترة الماضية، مؤكداً أن مادة الغاز متوافرة، وتتم زيادة المخصصات لجميع المحافظات بحسب حاجتها الفعلية».
أزمة غاز أم أزمة سعر؟
نقلاً عن أحد المواطنين على إحدى صفحات «فيسبوك» كان التالي:
«فقت اليوم من بكرية الله ع اتصال من العيلة، وبدل كيفك! قالولي (خلص الغاز وما في غاز!)... سكرت معون وعملت اتصال... وخلال عشر دقايق كانو جرتين الغاز عندي بسعر 6000 للجرة الوحدة... انحلت المشكلة... بعرف نحن السوريين منلاقي مخرج لمشاكلنا بسرعة... لأنو بالحقيقة عنا أزمة بالسعر... الغاز متوفر حسب سعر التجار ومفقود حسب تسعيرة الحكومة .برأيكم الحكومة سامعة بهل الحكي؟»
انفراج في أزمة الغاز... هل هو حقيقة؟
بالرغم من التصريحات عن وصول ناقلات غاز، والحديث عن وصول ناقلات أخرى في الأيام القادمة، إلا أن أعضاء محافظة ريف دمشق طالبوا حسب ما تم التصريح عنه على المواقع الإلكترونية «أن تتناسب كمية التوزيع مع عدد البطاقات الذكية في كل منطقة»، فمثلاً: في منطقة دير علي توجد فيها أربعة آلاف «بطاقة ذكية»، في حين أن ما يصل إليها لا يتجاوز 500 أسطوانة!.
إذاً المشكلة قائمة وموجودة وبتأكيد من قبل أعضاء مجلس المحافظة، والسؤال هنا: أين مخصصات ريف دمشق التي تم التصريح عنها؟، وأين هي ناقلات الغاز؟، وكيف يتم توزيع مادة الغاز فقط على «البطاقة ذكية»؟.
«بطاقة ذكية + إنترنت= أسطوانة غاز منزلي»
حسب ما تم التصريح عنه أيضاً من مدير الغاز في دمشق وريفها عبر مواقع التواصل الاجتماعي «أن ريف دمشق يحتاج يومياً إلى كمية تتراوح بين 25 ألفاً لـ 30 ألفاً في حين أن ما يتم توزيعه في الريف بكمية تتراوح بين 14 ألفاً إلى 20 ألفاً فقط!»، وهو تأكيد آخر عن عدم تناسب الحاجة مع الموجود والموزع.
فبالرغم من تخصيص كمية كبيرة من أسطوانات الغاز لريف مدينة دمشق، إلا أن بعض العائلات في الغوطة لا تصلهم مادة الغاز، بسبب أن البعض لديهم «بطاقة ذكية» لكن لا يوجد إنترنت لكي يعمل الجهاز عند المعتمد ليتمكنوا من الحصول على أسطوانة الغاز المنزلي. علماً أنه تم توزيع مادة الغاز في الغوطة بموجب «البطاقة الذكية» منذ وقتٍ قريب، أي بعد تنفيذ قرار توزيع مادة الغاز على «البطاقة الذكية» بعدة أشهر، مما يعني أن المستفيدين من السوق السوداء ما زالوا مستمرين بقوة باستغلالهم للمواطنين ولحاجتهم لمادة الغاز بهذه المنطقة.
وبهذا الصدد، ننوه أن مدة توزيع مادة الغاز عبر «البطاقة الذكية» تختلف من محافظة لأخرى، فمثلاً: يتم توزيع أسطوانة الغاز في دمشق كل 23 يوم، وفي حلب مرة كل شهر... إلخ. ونقلاُ عن أحد سكان مدينة السلمية عبر صفحات فيسبوك: «نحن من شهور ما عنا غاز بالسلمية، لأنو قللو الحصة كتير، مقطوعين الله لا يقطع حدا».
والمحصلة، أن البطاقة الذكية لم تحل المشكلة، أو أن بعض القائمين على كميات التخصيص والتوزيع استطاعوا الالتفاف على ذكاء البطاقة من أجل استمرار استغلالهم وحصتهم منه.
التوزيع الحر بوابة جديدة
أوضحت أيضاً مصادر في شركة محروقات عبر المواقع الإلكترونية «أن توزيع أسطوانة غاز ثانية بالسعر غير المدعوم هو قيد الدراسة حالياً، ولم يصدر أي قرار بهذا الشأن بعد». ومن هُنا بدأ الحديث بين الناس بهذا الشأن عن إمكانية توزيع الكميات الإضافية من أسطوانات الغاز بالسعر الحر!، أي دون الحاجة إلى استخدام «البطاقة ذكية». علماً أن المصدر في شركة المحروقات قد لفت إلى أن مادة الغاز يتم توزيعها بشكل مستمر على المعتمدين في دمشق وريفها، نافياً صحة ما يقال عن عدم توافر المادة لدى المعتمدين في دمشق وريفها.
مع عدم إغفال بعض العاملين والطلاب الذين يعيشون بعيداً عن أسرهم وعن محافظتهم، وبأنه لا يحق لهم الحصول على أسطوانات الغاز أو لا يملكون الحق في التدفئة بالمازوت، لأنه ليس لديهم بما يسمى بـ«البطاقة الذكية». فأي تطبيق جارٍ تنفيذُه بحق هؤلاء والمُسمى بـ«البطاقة ذكية» للحد من السرقة ما دام «دود الخل منه وفيه»؟.
أضف إلى ذلك نقلاً على لسان أحد المواطنين في مدينة دمشق: «بعض الموزعين بلشو يمهدولنا شفهياً إنو ما نراجعون منشان التبديل إلا لبعد شهر!».
فهل نستنتج من هذا، أنه سيتم تمديد فترة توزيع مادة الغاز على «البطاقة الذكية» لتعزيز أزمة جديدة، وفتح سبيل للاستغلال عن طريق البيع الحر؟!، علماً أنه في حال الدخول إلى تطبيق «البطاقة ذكية» ما زالت الفترة المُعطاة هي 23 يوماً.
وهل ما يجري مؤخراً يمكن اعتباره إحدى الذرائع لخلق أزمة جديدة للغاز؟ أم إنها طريق جديد للاستفادة والاحتكار والاستغلال تحت عنوان «التوزيع بالسعر الحر» كما هو الحال في توزيع مادة البنزين؟.
الخلاصة، كما ردَّ أحد المواطنين على كل التصريحات بشأن الغاز ووصول ناقلاته: «والاحتكار شو منشانو؟!».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 933