حرق جيل كروي جديد
استيقظ شارعنا الرياضي الداعم للمنتخب الوطني بكرة القدم من حلم التتويج بكأس آسيا، بعد غفوة طويلة بدأت منذ 4 سنوات حينما بدأت التصفيات لتنتهي عصر الثلاثاء الفائت على وقع خروجه الرسمي من البطولة، بعد نتائج صادمة لآمالنا، والتي لا تعبّر عن المستوى الحقيقي للفريق وفقاً لما أكدته آراء خبراتنا الفنية والخبرات العربية كذلك..
من هم المتورطون في النتائج المخيبّة تلك؟ إلى أية تفسيرات نستمع في ظل حالة الزخم الإعلامي المتزايدة، والتي تبعث لنا الأرق فتثقل نفوسنا بمزيد من الهموم؟ كيف شوهوا حلمنا برؤية المنتخب متوجاً؟ كيف حولوا نسور منتخبنا الشرسة في دفاعها عن أمنياتنا إلى طيور حمام وديعة؟ من الجهة التي رعت مسيرة عمل منتخبنا طوال تلك المدة؟ ومن التي راقبت سير العمل؟
نور فجر وظلام المتورطين
انتفضت نسورنا في ختام مبارياتهم للدور الأول في البطولة بقيادة المدرب الوطني فجر إبراهيم، لدى مواجهتهم الفريق الأسترالي «حامل لقب البطولة الماضية» وقدموا مباراة ممتعة غنية بالأهداف والفرص؛ فظهرت الروح المميزة للاعبي الفريق، وكانوا قريبين من اقتناص فوز ينقلنا إلى ثاني أدوار البطولة.
لقد استطاع مدربنا الوطني خلال 4 أيام فقط من محو الصورة الضعيفة التي ظهر عليها لاعبونا في لقاءيهم السابقين، وبالرغم من ذلك لم يكن ذلك كافياً لتغيير النتيجة كما صرّح في مؤتمره الصحفي.
لقد أدرك مدربنا في مدّة وجيزة، أنّ فشل الفريق السابق لا يكمن في فقر فريقه للمواهب، وإنما في الأجواء المولدّة للمشاكل التي خلقها المتورطون في إدارته خلال الأشهر 7 الماضية، ولو كان قد استلم المهمّة وهو أهلاً لها بمساعدة كادر يختاره قبل بداية البطولة مع جزء بسيط ممّا قدّم للألماني لأشرق بنوره فجراً جديداً لكرتنا يبدّد سواد أعمال المبعدين له، من الطفيليَّين على جسد المنتخب والعابثين به.
إلى المتورطين: الأصلع لا يحتاج إلى مشط..
تذرعتّم بافتقار خبراتنا الكروية للخبرة في قيادة مؤسسة كروية، وجئتم بمن هم لا أهل لها من خارج ملاكها، فراحت قيادة اتحاد الكرة منذ وصولها بإطلاق الشعارات بدءاً من شعار «سورية بروسيا»، رفعتم دعاوى قضائية في المحاكم على إعلاميين ذكّروا بشعار لم يتحقق، وصولاً إلى إطلاق القيادة تلك إلى شعار «سورية بين الأربعة الكبار» فغررت بالشارع السوري وشوهّت رأيه، واستمرّت بنفيها لما يجري في كواليس المنتخب من مشاكل، وطالبت بالدعم في سبيل إنجاز مهمتها الوطنية كما أعلنت، لتتعاقد مع دبلوماسي سياسي ألماني يجيد التعامل مع أسئلة الصحفيين المقلقة لنا بحنكة ودهاء؛ فخدعنا، بعد أن تبيّن عجزه كمدرب كرة قدم عن قراءة فريق منافس، فأقيل وذهب دون أن يحاسب على فعله بحرق أكثر جيل مميز مثّل المنتخب منذ 3 عقود، ليهرب بملايين الليرات التي قبضها، ومن يعلم فقد يرفع دعوى ضدّ القيادة التي أقالته لفسخها العقد.
تلك القيادة التي لم ترَ من تنحيه كحل إلى حين انتهاء البطولة، فسارعت بإقالته.
تلك القيادة التي تدعو ببساطة شديدة إلى دعمها في خطة عملها المقبلة لتصفيات مونديال قطر 2022، مع توصيات أخذ العبر والدروس من التجربة الفائتة، وتتجاهلون المطالبة الجماهيرية المحقة في المحاسبة والإقالة وتتغنون بصورة الجمهور الداعم لمنتخب الوطن.
ألم تسمعوا مطالبات 12 ألف حنجرة بإقالة القيادة تلك في ملعب المباراة؟ لقد وصل صوت زعيق مفسديكم في مؤسستنا الكروية إلى أعماق كينونتنا حينما طالبوا بضرورة الدعم، ورؤية المعطيات الجديدة التي أوجدتها بصفقة العملة الصعبة مع الألماني، والذّين حالهم الآن كحال الصم والبكم العاجزين عن إدلاءٍ ولو ببيانٍ واحدٍ تواجه به الشارع الكروي.
ألم تلمسوا بعد حالة غليان قلوبنا من شر أعمالكم؟ ألم تعوا بأننا نعي ما ترمون إليه؟
يبدو أنكّم مقتنعون بأن ممارساتكم القديمة الجديدة غير ملحوظة لنا بعد، ولدينا طاقة لتحملها.
حذار على المنتخب ومن المفسدين له
يمثّل الكلام السابق «غيض من فيض»، حزناً على حرق جيل جديد من اللاعبين قد لا تسعفه الفرصة للظهور مجدداً في البطولة، وتوتراً متزايد الشدة مع كم الأنباء الكثيرة الخاصّة بالفريق في ظل تكتّم إعلام اتحاد الكرة حتى الآن عن الإفصاح بحقيقة ما يدور في عقول مفسديه، وليس أخيراً مع بدء كشف الفضائح المتعلقة بإدارة الفريق بعد انتهاء هدنة الدعم المؤقتة لهم، والتي تدل على غياب أبسط مقومات التخطيط وازدواجية معايير انتقاء اللاعبين، وليس نهايةً عن سكوت محتكر رئاسة اتحاد الكرة واللجان الأخرى على ضعف المدرب الألماني، والذي رضخ له بإلغاء المباريات الودية في المعسكر الأخير خوفاً من الخسارة، فذهب إلى تحضير الفيزا الخاصة لمدرب الطوارئ «فجر إبراهيم» تحسباً لأية حالة إسعافية.
وفي ظل الحالة تلك ستكثر الشائعات ضمن الوسط الرياضي، وقد تعود مبكراً منافسات الدوري المحلي للتغطية على المنتخب، فحذار من جمهور فرقنا المحلية من التورّط في أعمال الشغب فيما بينها، والتي قد تفتعل وتؤجّج بفعل مشوهي حلمنا ومفسديهم المأجورين، لإغلاق صفحة المحاسبة والإقالة.
المنتخب ليس لاعبين موهوبين فقط
بالرغم من أنّ الشاشات تصوّر لنا بأنّ فريقنا يتألف من مجموعتين أساسية واحتياطية من اللاعبين الموهوبين بقيادة كادر إداري وفني، إلّا أنّه في الحقيقة لا يقتصر على ذلك فقط، كما ولا يقتصر افتكاك مصيره من أيدي العابثين به على مطلب الإقالة لرئيس الاتحاد الرياضي العام ورئيس اتحاد الكرة، ويجب الأخذ في الحسبان أنّ المؤسسة الكروية المغرقة في الفساد محمية بالسياسات الحكومية المتعاقبة، والمشجعة لرؤوس الأموال على الاستثمار فيها، حالها كحال أية مؤسسة أخرى من مؤسسات بلدنا بما يساهم في زيادة أرباح المستثمر كأولوية، مستغلاً المشاعر الحماسية والداعمة للنهوض بها، تحت شعارات أو مسميات أو برامج براقة تحتاج إلى البحث في تفاصيلها، لأنّ طابع حياتنا القائم على استغلالنا لصالح حفنة من محتكري ثروات وطننا والمتحكمين بتفاصيل حياتنا كافة سينعكس على الرياضة بلا شك.
هل من حلول؟
تفعيل دور الخبرات الفنية الوطنية ضمن وزارة للرياضة والشباب لترعى الشباب وتصقل الموهوبين حاجة ملحة وضرورية كما في عدة دول عربية مشابهة لطبيعة بلدنا، مثل: العراق والأردن ومصر وتونس، إلّا أنّ ذلك ليس كافياً للقيام بدورها كما يجب في حال أُنشئت، في ظل إصرار الحكومات المتعاقبة على التوجّه إلى خدمة أقلية الأغنياء من الأثرياء على حساب عموم الشعب في مختلف مواقعه، ولن يتم ذلك دون أن تستعيد دولتنا سيادتها الكاملة كسيادة للشعب، وليس لمن يتاجرون بلقمته ويتحكمون بمصائر ملايين عماله..