Anti–D و Anti استغلال

Anti–D و Anti استغلال

يشتكي بعض المواطنين من عدم توفر «حقنة الزمرة» المستوردة بشكل نظامي في الصيدليات، والمتوفر منها هو مهرب غالباً، بعضه مقبول من قبل الأطباء، والبعض الآخر يعتبر دون جدوى بحسب رأيهم، أو خطيراً، وذلك بحسب المصدر والاسم، وربما ذلك ليس وضعاً استثنائياً حيال الشكاوى المتزايدة من عدم توفر بعض أصناف الأدوية، العادية منها أو للأمراض المزمنة، أو من فقدان حليب الأطفال مؤخراً.

فقدان هذه الحقنة لا يعني فقط التعرض للاستغلال، تحت ضغط الحاجة والجهل، ناحية المواصفة والمصدر والسعر من قبل بعض الصيادلة أو المشافي، بل يعني: التعرض لمخاطر طبية لاحقة، قد تودي بحياة الطفل المولود لاحقاً.
ضرورة طبية لا غنى عنها
بحسب المراجع الطبية: إذا تزوج رجل زمرة دمه موجبة من امرأة زمرة دمها سالبة، فإذا ما حصل الحمل وولدت طفلاً يحمل زمرة دم موجبة فإنه وأثناء الولادة ستختلط بضع قطرات من دمه مع دم أمه فتحدث حالة في جسم الأم تسمى حالة التحسس (sensitization)، هذا التحسس ينتج عنه إطلاق أجسام مضادة في جسمها، بينما يكون الوليد سليماً. وحينما تحمل الأم مرة ثانية بجنين أيضاً زمرة دمه موجبة، فإن الأجسام المضادة هذه ستؤثر عليه بشكل كبير، وربما تقتله، بسبب انحلال الدم وتضخم البطن والصدر ونقص الأكسجة.
ولأجل التخلص من الأجسام المضادة هذه تُعطى الأم إبرة الـ Anti–D (مضادـ دي) بالعضل، وخلال 72 ساعة بعد الولادة، أو بعد الإجهاض، كي يعود دمها إلى سابق عهده خالياً من الأجسام المضادة التي تؤثر على حملها التالي.
ذلك يعني وجوب إعطاء الأم التي دمها سالب إبرة الـ Anti–D بعد نهاية كل حمل سواء بالولادة الطبيعية، أو عن طريق العملية القيصرية أو بالإجهاض أو..
غير متوفرة بالصيدلية المركزية
الحقنة المتوفرة في بعض الصيدليات، والتي يعتبرها غالبية الأطباء دون جدوى، سعرها بحدود 4500 ليرة تقريباً، بينما الحقنة الموثوقة من قبلهم والتي ينصحون بها، قد تتوفر تهريباً لدى بعض الصيدليات فقط، لكن بسعر يتجاوز الـ 30 ألف ليرة، وهي متوفرة كذلك الأمر لدى بعض المشافي الخاصة أيضاً.
فقد راجع أحد المواطنين الصيدلية المركزية من أجل الحصول على الحقنة من أجل زوجته، لكنهم أجابوه بعدم توفرها، وعدم ورودها منذ أشهر، وهم من نصحوه بمراجعة إحدى المشافي الخاصة للحصول عليها، حيث اضطر لدفع أكثر من 30 ألف ليرة قيمة للحقنة التي لا غنى عنها، خاصة وأن عامل الزمن لا يساعد بالمزيد من البحث، حيث من المفترض أن يتم زرق الحقنة خلال ساعات لا تتجاوز الـ 70 ساعة بعد الولادة.
موجودة في قوائم الاحتياجات فقط
في قائمة احتياجات وزارة الصحة للأدوية لعام 2018، والموجودة على موقع الوزارة، ورد بمتنها حقنة الـ Anti–D، وبواقع 50 ألف حقنة تقريباً، أي: أن الوزارة وضعت باعتبارها تأمين هذه الحقنة الهامة، وبالحد الأدنى فقد ذُكرت بالقائمة المذكورة على موقعها.
لكن يبقى السؤال: لماذا لا تتوفر هذه الحقنة إلا تهريباً، وبهذا السعر الكبير المرتفع بالنتيجة؟
إن التأكيد على تأمين الأدوية عبر الأقنية الرسمية لوزارة الصحة ليس بغاية الحرص على عدم وقوع المواطنين من المرضى ضحايا للابتزاز والاستغلال على مستوى السعر المفروض عليهم لقاء تأمينها تهريباً من قبل بعض الصيدليات فقط، بل الأهم هو: أن هذه الأدوية عند اعتمادها من قبل جهات الرقابة على الدواء بوزارة الصحة يتم ضمان موثوقيتها، ناحية المصدر والمكونات والآثار الجانبية، وغيرها من القضايا الصحية والاستطبابية الهامة الأخرى، والتي تحد كثيراً من تبعات الأضرار المحتملة من التعامل مع الأدوية المهربة أو المزورة ربما.
فهل ستبقى بعض الأصناف الدوائية خارج دائرة التأمين من قبل وزارة الصحة، كماً ونوعاً، كي تبقى مصدر استغلال وابتزاز من قبل بعض الصيادلة والمشافي، على حساب المرضى وصحتهم؟
أخيراً، نعيد ما قاله المواطن الذي شعر بتعرضه للاستغلال تحت ضغط الحاجة: «صار بدها البلد إبر Anti استغلال ونهب وسرقة وابتزاز، والله حاجة.. تعبنا»!.