فقير بعضمو
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

فقير بعضمو

يقول الخبر: إن عدد الأضاحي خلال عيد الأضحى الأخير كان بحدود 100 ألف رأس من الغنم، وبمعدل وسطي لسعر الذبيحة 90 ألف ليرة، فإن قيمة الذبائح لهذا العام تقدر بحدود 9 مليار ليرة سورية.

الأرقام أعلاه تم الاستنتاج من خلالها: أن الحالة الاقتصادية في العام الحالي أفضل بكثير من العام الماضي، وهو ما تم تداوله عبر بعض وسائل الإعلام، وجرى الترويج له.
لن نشكك بالأرقام أعلاه، ومن أين تم استقاؤها ومصادرها، لكننا سنقوم بتفنيدها على عجل.
فإذا كان رأس الغنم يزن وسطياً 50 كغ قائم و 35 كغ مذبوح، فإن الـ 100 ألف رأس تزن 3,5 مليون كيلو غرام من «اللحم بعضمو» تقريباً، وباعتبار أن لحوم الأضاحي غايتها التوزيع على الفقراء والمحتاجين، ومتوسط وزن الحصة الموزعة عادة يكون بمعدل 1 كغ لكل منها، فهذا يعني أن هناك 3,5 مليون أسرة محتاجة قد وصلها لحم الأضاحي في هذا العيد، وبمعدل الإعالة الوسطي لكل أسرة البالغ بحدود 5 أفراد، فهذا يعني أن هناك 18 مليون سوري تم إطعامهم من لحم الأضاحي في هذا الموسم «الكريم» تقريباً، وهذا الرقم قد يكون أكبر من تعداد السوريين في الداخل والخارج من الناحية العملية!
لا تلومونا عل حسابات «الشنكشة» السريعة أعلاه، فهي تتناسب مع حسابات «القطش واللحش» التي تم الاستنتاج من خلالها أن الحالة الاقتصادية في العام الحالي أفضل بكثير من العام الماضي، خاصة وأن هذا الاستنتاج يصب بخانة التصريحات الرسمية، والتي يتم الترويج من خلالها للسياسات الحكومية «المصيبة»، برغم كل ما يناقضها على أرض الواقع، على مستوى الفقر وتردي الحالة المعيشية لعموم السوريين.
الأرقام الافتراضية أعلاه أشبعت الفقراء لحوماً افتراضية، تماماً كما هي حال التصريحات الرسمية التي تصور حياتنا وتزينها بألوان افتراضية، اعتباراً من مبالغ الدعم المرصودة، مروراً بمشاريع إعادة الإعمار الورقية، وليس انتهاءً بتحسين الواقع المعيشي الموهوم، بينما واقع حالنا يقول: كأننا نعيش في المسلخ، وسواطير من لا يرحموا من كبار التجار والفاسدين و.. تعمل بنا جَرماً ونتفاً كل يوم وكل ساعة، على مرأى ومسمع الحكومة والرسميين، بل وبرعايتهم أيضاً، فلا تحسن على الحالة الاقتصادية والمعيشية ولا من يحزنون، وكل ما في الأمر ربما أن شروط وظروف النهب أصبحت أكثر يسراً وسهولة في ظل القوانين والتشريعات التي تزيد من شرعنة سرقتنا واستغلالنا بوضح النهار.
أخيراً، نورد ما قاله أحد المعترين تعقيباً على الأرقام أعلاه: «والله نحنا الفقرا اللي صفيانين ضحايا وع العضم كمان، لأن أشطر لحام ما بيطالع منا تعضيمة شوربة من كتر التجريم اللي عم ينهش بعيشتنا كل يوم».