نشرة أحوال الجيوب المنهوبة
توالي مستويات الأسعار الكاوية ارتفاعها في الأسواق كافة وللسلع كافة، نتيجة تأثر البلاد بالمرتفع السعري الخاص بموسم شهر رمضان المبارك، وقد كانت معدلات الارتفاع في هذا الموسم أعلى من مثيلاتها خلال المواسم الماضية، وخاصة للمواد الغذائية.
المرتفع السعري الجديد كان مصحوباً بموجات متفرقة من العواصف السعرية الحارقة، نتيجة الخلخلة المزمنة بدرجات الرقابة التموينية لحدود الغياب غير المبرر، على مستوى الطبقات العالية من المتحكمين بالغلاف السعري.
وبنتيجة فقر الحال، والبحث عن الأسعار الأدنى، وبسبب الفلتان السوقي، ارتفعت معدلات الغش ومستوياته، في السعر والمواصفة والجودة، بما فيها تلك التي تؤثر على الصحة والسلامة في المواد الغذائية.
وقد أدت العواصف السعرية المتلاحقة، إلى المزيد من التقشف على موائد السوريين، حيث تم تسجيل فقدان اللحوم الحمراء منذ عدة سنين، دون أن تجد طريقها للعودة إلى هذه الموائد، وتبعتها في ذلك الفواكه والحلويات، وقد كان للحكومة دور بارز باستمرار هذا الفقد واللوعة والحرمان، فالغنم العواس مثلاً يُصدر ويُهرب بينما تحرم منه موائد السوريين من فقراء الحال.
الفرصة تبقى مهيئة للمزيد من الاستغلال، بين الخفيف والمتوسط ومرتفع الشدة، والذي تتأثر به جيوب المفقرين بنتيجة ارتفاع موجات الجشع الناجمة عن الاحتكار والتحكم بالأسعار، من قبل كبار التجار، والسماسرة في الأسواق، الذين يعيشون حياة الترف والبذخ على حساب المفقرين دون رقيب أو حسيب.
ومع اقتراب موعد المرتفع السعري الخاص بعيد الفطر السعيد، الذي يتوقع أن تبدأ فاعليته في الأيام القريبة القادمة، ستتأثر الأسعار في الأسواق لتكون على شكل موجات متتالية إضافية من الاستنزاف الذي سيصيب الجيوب، بحسب تعداد أفراد كل أسرة وضروراتها، وخاصة للألبسة والحلويات.
بشكلٍ عامٍ، تبقى رياح الأسعار الحارة بين الشديدة والعنيفة، ويخشى من تشكل تسونامي مصاريف تصيب غالبية الجيوب المستنزفة مع نهاية الشهر الكريم، مع عدم إمكانية الوفاء بالالتزامات نتيجة تراكم الديون.
أرصاد الجيوب المنهوبة تحذر من الانزلاقات على طريق العمر المرير والوعر لأرباب الأسر، وما يمكن أن ينجم عنها من سوء تغذية وضعف بنية وجلطات وسكري وأزمات قلبية، سيما وأن مستويات الاستهلاك تسجل معدلات مخيفة من التدهور والانخفاض لدى محدودي الدخل ومفقري الحال، مع عدم التمكن من الاستطباب والاستشفاء لارتفاع تكاليفها بشكل أكثر جنوناً من ارتفاع أسعار السلع.
أخيراً، فإن مؤشرات الرصد تشير إلى أن الحكومة ما زالت متمسكة بثبات موقفها على مستوى سياسات تثبيت الأجور، وتخفيض الإنفاق وغياب الرقابة، ما يعني: أن حال انفلات الأسواق والتدهور المعيشي ستستمر على ما هي عليه من الموجات المتتابعة، من رفع الأسعار لدرجة الغليان، كما ستستمر معها مستويات الانزلاقات تباعاً على طرقات حياتنا وأعمارنا الوعرة.
مرصد الجيوب المنهوبة لا يعدكم بنشرات مختلفة تتضمن تحسناً على المستوى المعيشي والخدمي، طالما بقيت الحكومة مستمرة بلا مبالاتها، وبسياساتها المشجعة على المزيد من التسوناميات السعرية والخدمية، التي تصب في جيوب كبار الناهبين والمستغلين أرباحاً متزايدة، الذين وحدهم من يتمتعون بكرم رمضان، ووحدهم من سيستقبلون العيد بسعادة، بينما البقية الباقية من الشعب المحروم والمطحون ستستمر في صيامها المزمن عن كل ضرورات الحياة، بانتظار موعد الإفطار!.