المنطقة الساحلية بين العطش وهدر للمياه!
سمير علي سمير علي

المنطقة الساحلية بين العطش وهدر للمياه!

ما زالت مشكلة تأمين مياه الشرب في المنطقة الساحلية قائمة، وخاصة في القرى والبلدات الكثيرة فيها، على الرغم من كل الوعود الرسمية، وعلى الرغم من كل المشاريع المعلن عن تنفيذها، من أجل حلها.

فالكثير من القرى والبلدات في المنطقة لا تصلها مياه الشرب عبر الشبكة الرسمية إلا كل 5 أيام، ولمدة ساعتين فقط، بمقابل استمرار هدر مياه نبع السن التي تصب في البحر، والتي تفقأ أعين المواطنين من أبناء المنطقة حسرة على المياه المهدورة وهم بأمس الحاجة إليها.
المشكلة قديمة
والحلول ما زالت قيد التنفيذ
مشكلة تأمين مياه الشرب في المنطقة ليست جديدة، بل هي قديمة جداً، وقد تفاقمت الحاجة للمزيد من المياه في ظل تزايد الطلب عليها، والمقترن بزيادة أعداد المواطنين المستهلكين، وخاصة خلال السنوات الأخيرة بسبب استقطاب المنطقة للمزيد من الوافدين من المناطق الأخرى، نزوحاً بسبب الحرب والأزمة.
مدير عام مؤسسة مياه اللاذقية تحدث عبر إحدى وسائل الإعلام، في شهر شباط 2018، قائلاً: «تقوم المؤسسة بتأمين مياه الشرب النظيفة للأخوة المواطنين في المدينة وريف المحافظة، من خلال متابعة تنفيذ مشاريع جديدة لتأمين وتحسين الواقع المائي، وزيادة حصة الفرد، وتذليل الصعوبات لتأمين المياه النظيفة»، وأضاف: «يعتبر انقطاع التيار الكهربائي في مقدمة الأسباب المؤدية إلى العجز في تأمين مياه الشرب، وخاصة في المناطق المرتفعة التي تعتمد في تغذيتها على الضخ ولعدة مراحل».
وحول الاستفادة من المياه الفائضة في نبع السن، قال: «تقوم وزارة الموارد المائية_ الهيئة العامة للموارد المائية بتنفيذ أحواض تخزينية إضافية يبلغ حجمها التخزيني الإجمالي بحدود751 ألف م3 في منطقة نبع السن، للاستفادة من المياه الفائضة، واستخدامها لأغراض الري، أمّا فيما يتعلّق بمياه الشرب فقد تمت المباشرة بتنفيذ خزان في منطقة قرفيص، وحجم التخزين6000م3 يتم تغذيته من نبع السن ويقع أعلى خزانات قرفيص/ فرق منسوب عن خزانات قرفيص الحالية بحدود 60م/ وسوف يؤمن هذا الخزان ضاغطاً إضافياً بحيث يتم تأمين المياه إلى نهايات الشبكات والخطوط في المدينة والمناطق التي تتغذى من نبع السن بشكل جيد نتيجة زيادة الضاغط».
نبع السن
من الموقع الرسمي لمؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في اللاذقية، نورد التالي عن نبع السن:
_ يقع نبع السن في الجزء المركزي من الساحل السوري شمال مدينة بانياس بحوالي 9 كم وعلى منسوب من (12-20)م.
_ يعتبر نبع السن من أهم وأكبر الينابيع في حوض البحر المتوسط إذ يزيد متوسط تصريفه عن 13000 ل/ثا وقد يصل شتاء إلى ما يزيد عن 24000 ل/ثا وقد ينخفض صيفاً إلى ما دون 6000 ل/ثا.
_ يتصف جريان نهر السن بالانتظام خلال العام، حيث تبلغ النسبة بين أكبر وأصغر متوسط تصريف شهري 2500 ل/ثا.
_ نظراً لأهمية الطاقة المائية الهامة لنبع السن فقد بوشر بإقامة المشاريع المائية عليه منذ أوائل الخمسينيات، حيث بني سد لرفع منسوب المياه وبهذا تشكلت بحيرة صغيرة بمساحة 73000 م2 وحجم 350 مليون لتر على المنسوب (+12) فوق سطح البحر، وأنشئت محطة لتوليد الطاقة وهي خارج الخدمة حالياً.
أما الملفت فيما ورد على موقع المؤسسة، فهو: أن المشاريع القائمة على نبع السن بدأت بقناة سوكاس للري بعام 1952 لتروي مساحة 45 هكتاراً، وانتهت بمشروع إمداد مصفاة بانياس، الذي وضع في الاستثمار بعام 1979، بينما مشروع إرواء مدينة اللاذقية بوشر به بعام 1971.
مصدر أساس غير مستثمر
نشرت إحدى الصحف الرسمية سابقاً، مقالاً بعنوان «الفاقد المائي في اللاذقية 49%.. ومعاناة أهالي الأرياف تتفاقم!»، وقد ورد في المتن: «يشكل نبع السن نسبة 85% من مصادر مياه الشرب في محافظة اللاذقية، في حين تشكل مجموعة من الآبار والينابيع المستثمرة على مساحة المحافظة ما نسبته 15%».
كل ما سبق أعلاه، يؤكد بأن مياه نبع السن وعلى الرغم من كونها تؤمن 85% من مياه الشرب في المحافظة، لم يتم استثمارها بالشكل الأمثل، بدليل توقف المشاريع الحيوية لحسن استثمار هذه المياه منذ عقود، واستمرار هدرها لتصب في البحر، بينما المواطنون بأمس الحاجة إليها، وما زالت مياه الشرب مقننة بمعدل ساعتين أسبوعياً فقط.
والسؤال الملح بعد ذلك كله على ألسنة الأهالي، يقول: أين هي المشاريع الموعودة من أجل حل مشكلتهم الحياتية المتمثلة بمياه الشرب، خاصة بعد أن سمعوا عن الكثير منها تمويلاً من قبل بعض المنظمات الدولية خلال السنوات الأخيرة؟
أمّا الخشية بالنسبة لهم، فهي تتمثل بأوجه الفساد التي قد تطال مثل هذه المشاريع على المستوى التنفيذي لتحول دونه، وليبقوا على حالهم من العوز المائي بالنتيجة!