شبكة النت وإعلان براءة القرش!
مالك أحمد مالك أحمد

شبكة النت وإعلان براءة القرش!

مشكلة سوء خدمة شبكة الإنترنت في سورية ليست جديدة، لكن الجديد هو: المزيد من هذا السوء، على الرغم من الوعود الرسمية حول تحسينها.

خلال الأسبوع الماضي وصلت الشبكة في سورية لحدود التوقف التام لدى الكثير من المشتركين من المواطنين، في مقابل ذلك كان اللافت عدم تأثر بعض القطاعات بهذا السوء، كيف ولماذا لا أحد يدري؟
أسباب ومبررات
السورية للاتصالات، تقدمت باعتذار عن انخفاض جودة خدمة الإنترنت، والسبب المعلن حالياً، هو: تعطل أحد الكوابل الدولية الحامل لعدد لا بأس به من الدارات الدولية التي تؤمن نفاذ الإنترنت إلى سورية، بين قبرص ومرسيليا، والعطل قرب الشواطئ القبرصية.
كما سبق وأن أعلنت السورية للاتصالات، عن تعطل في أحد الكوابل الدولية التي تؤمن نفاذ الإنترنت إلى سورية مع مصر، والذي بدأ العمل على إصلاحه، ويتوقع الانتهاء منه خلال الأيام القليلة القادمة، حسب ما أعلن عنه رسمياً خلال الأسبوع الماضي.
لم يقف الأمر عند ذلك، فقد كان للعاصفة البحرية دور إضافي بالمزيد من الوقت المهدور على حساب المشتركين وخدماتهم المفترضة، فإصلاح الكبل المصري مرتبط بانحسار العاصفة البحرية، وذلك حسب ما صرح به أحد المصادر في الاتصالات إعلامياً، مضيفاً: أن نسبة الإنترنت الواصلة لسورية هي الآن 15% فقط من حجم الحزمة الكاملة.
تساؤلات مشروعة
الحديث الرسمي عن تعطل الكابلات البحرية، والحزمة، والنفاذ، ونسبة الوصول السوري للشبكة، وغيرها من المبررات المساقة عن سوء الخدمة لدرجة الانقطاع، يضعنا أمام تساؤل تقني مرتبط بعدم تأثر بعض جهات القطاع الخاص، بسوء الخدمة كحال المشتركين من المواطنين.
ففي ذروة سوء خدمة الإنترنت، وانقطاع الشبكة شبه التام على المشتركين، كانت بعض شركات القطاع الخاص المرخصة لتزويد المشتركين بخدمة IPTV، وهي خدمة مشاهدة القنوات التلفزيونية عبر شبكة الإنترنت، تعلن عن استمرارها بتقديم خدماتها للمشتركين، وتعلن عن عروضها التسويقية والترويجية لهذه الخدمة، كما أن بعض القطاعات الخاصة الأخرى لم تتأثر بسوء الشبكة، أو بانقطاعاتها كذلك الأمر، وهو أمر لم نتمكن من معرفة خفاياه التقنية أو غيرها، لكنه من كل بد يثير الكثير من التساؤلات لدى المشتركين من المواطنين «العاديين».
حديث المواطنين
في الأحوال جميعها فإن الأعذار والاعتذارات المقدمة من السورية للاتصالات تعتبر بالنسبة للمواطنين بحكم الأمر الواقع، حيث لا حول لهم ولا قوة بمقابلها، علماً بأنهم أصحاب حقوق، اللهم باستثناء ما جادت به قريحة بعض هؤلاء عبر شبكات التواصل الاجتماعي من تعليقات، بعضها طابعها تهكمي مازح، والبعض الآخر له الطابع المطلبي.
فقد قال أحدهم: «بنقبل اعتذاركن إذا سامحتو المواطن بشهر من فاتورة النت، أو أخدتو نص شهر، مشان نعرف أنه إنتو بالفعل زعلانين على المواطن».
فيما قال آخر: «المشتركين كمان يعتذروا عن تسديد فواتير الإنترنت».
وقد تهكم أحدهم بالقول: «انتهاء عمليات إصلاح الكبل البحري .. وتمت تسوية أوضاع 150 قرش ممن لم تتلطخ أسنانهم بالكابلات».
حقوق وواجبات
أخيراً، ربما يمكننا القول: إن السورية للاتصالات، تعتبر من الشركات الرابحة، وهي تقدم خدماتها للمشتركين لقاء رسوم شهرية مقترنة بهذه الخدمات، وهي تعتبر مرتفعة نسبياً بالمقارنة مع مستويات المعيشة والدخل، كما أنها لا تعاني من ضعف بالكادر البشري، أو التقني، أو الخبرات المتراكمة، وحتى الإمكانات اللوجستية منها، بدليل تقديمها للخدمة الجديدة المتمثلة بالـ IPTV كخدمة متطورة، وعلى الرغم من ذلك كله فإن خدمة الإنترنت تعاني ما تعانيه من خلل وسوء، وهو من كل بد غير مقترن بموضوعة الكبل البحري هذا أو ذاك، والذي لا ننفيه أو نشكك فيه، خاصة بعد الإعلان رسمياً عن براءة القرش من التهم الموجهة إليه، حسب أحد مسؤولي الاتصالات الشهر الماضي.
فمشكلة الإنترنت في سورية قديمة قبل الحديث عن التعطل بهذه الكابلات، أو غيرها من المبررات المساقة بين الحين والآخر، في مقابل عدم الاكتراث بحقوق المشتركين، كما بالواجبات المفترضة تجاههم، سواء على مستوى استمرار الخدمة دون انقطاع، أو على مستوى السرعات المتعاقد عليها لقاء الرسوم المستوفاة، وهي المشكلة الشائعة الأهم.
ربما الأهم من هذا وذاك، هو: ألّا يتم استثمار الخلل الحالي وعمليات الإصلاح الجارية، من قبل السورية للاتصالات، على مستوى المطالبة بالمزيد من رفع أسعار خدماتها، رغم نفيها نية ذلك حالياً!