حيادية ولا مبالاة تجاه شركات الإنشاءات العامة
تداولت وسائل الإعلام خبر لقاء وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، مع وفد اقتصادي صناعي ماليزي، من أجل التعاون لبناء صوامع وصويمعات، بالكثير من الحيادية والسطحية، بل واللامبالاة.
الخبر يقول: إنّ وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بحث خلال لقائه مع الوفد الماليزي، سبل تطوير علاقات التعاون، وإقامة مشاريع صناعية في سورية، واتفق الجانبان على أن يقوم المختصون في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بتقديم دراسة للجانب الماليزي، تتضمن الكميات المقدرة من محاصيل الحبوب في سورية، لأخذها بعين الاعتبار في مشاريع بناء صوامع وصويمعات بطاقات تخزينية مختلفة، في كل من محافظات حلب واللاذقية وطرطوس والسويداء.
حيادية ولامبالاة!
الحيادية المقصودة، والتي يجب التوقف عندها، هي: الموقف من دخول القطاع الاستثماري الماليزي الخاص، على مشاريع بناء الصوامع والصويمعات في سورية، وهي مشاريع كبيرة ذات طابع استراتيجي، مع العلم أن غالبية الصوامع والصويمعات الموجودة في سورية، تم انشاؤها بخبرات وأيدٍ سورية تاريخيا،ً عبر شركات الانشاءات العامة، وخاصة الشركة العامة للطرق والجسور، ولطالما تم التغني بهذه الإنجازات وبالخبرات المحلية التي كانت أهلاً للتصدي لمثل هذه المشاريع الاستراتيجية.
أما اللامبالاة، فهي تمرير الخبر، الصفقة، بما يكرس السياسات الحكومية الرسمية التي عملت على تهميش القطاع العام الإنشائي، وصولاً إلى إضعافه، وانتهاءً بخروجه بشكل تام، على مستوى خارطة المشاريع الاستراتيجية، بما يؤدي بالمحصلة لتصفيته، وفقاً للوصفات الليبرالية المرسومة والمعمول بها رسمياً.
على رؤوس الأشهاد!
اللافت، أن الاجتماع المذكور قد حضره بالإضافة إلى الوفد الماليزي، كل من: المدير العام للمؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب_ المدير العام للشركة العامة للمطاحن_ المدير العام للشركة العامة للصوامع_ المدير العام للشركة العامة للطرق والجسور.
والسؤال الذي يتبادر للأذهان: هل حضور مدير عام الشركة العامة للطرق والجسور هو بغاية تكريس الحيادية رسمياً، وتمرير الاتفاق «الصفقة» على رؤوس الأشهاد من ذوي الاختصاص، أم هو اعتراف بتراجع إمكانات هذه الشركة، بحيث أنه لم يعد باستطاعتها التصدي لمثل هذه المشاريع؟ خاصة وأن الحديث جرى عن إنشاء صوامع وصويمعات في العديد من المحافظات، 4 محافظات.
فبالإضافة لكونها مشاريع استثمارية ربحية كبيرة، ذات طابع استراتيجي محلي هام، فإنها تعتبر جبهات عمل للشركات العامة الإنشائية بشكل عام، ولشركة الطرق والجسور صاحبة الاختصاص بشكل خاص، وهو من المطالب الدائمة والملحة والقديمة لهذه الشركات، من أجل استمرار عملها، واستعادة ألقها.
إمكانات الطرق والجسور
من الموقع الرسمي للشركة العامة للطرق والجسور على شبكة الإنترنت نقتبس التالي:
كان من الضروري لمواكبة النهضة الزراعية والاكتفاء الذاتي من القمح، أن تمتلك الدولة أماكن لتخزينها وطحنها، وتصدت الشركة لهذا العمل ونفذت أغلب الصوامع والمطاحن في الجمهورية العربية السورية، من خلال امتلاكها لتقنية إنشائية تعرف بالقالب المنزلق.
أهم المشاريع:
- خمس عشرة مطحنة بطاقة تخزينية (230) ألف طن في مختلف محافظات القطر.
- توسعات مطاحن متنوعة في القطر منها (الغزلانية_ الكسوة_ تل كلخ_ السلمية_ .....) بطاقات تخزينية (350) ألف طن.
- تنفيذ (14) صومعة في عدة بلدات ومحافظات منها (عدرا_ إزرع_ خان طومان_ الحسكة ....).
- صومعة البوعاصي في محافظة الرقة بقيمة (702) مليون ليرة سورية.
بالإضافة إلى الاقتباس التالي:
أحدثت «مجموعة قاسيون» الإنشائية من قبل الشركة العامة للطرق والجسور لنحاكي التطور الحاصل في الأعمال الإنشائية، ولنكون مستعدين لعملية إعادة الإعمار في سورية، حيث تمتلك المجموعة تكنولوجيا ومستلزمات ما يعرف بتقنية القالب المنزلق، الذي يعتبر من أهم تكنولوجيا البناء والتشييد حيث يمكننا إنشاء (صوامع, مطاحن, ركائز الجسور, خزانات المياه العالية وغيرها).
إنجازات مستجدة ترد المزاعم
ليس بعيداً عن سرد الإمكانات أعلاه، فقد تصدت الشركة العامة للطرق والجسور، بالتعاون مع «مجموعة قاسيون» لإنجاز بناء برجي مؤلف من 14 طابقاً في منطقة الصبورة في ريف دمشق خلال العام المنصرم.
وقد جرى الحديث في حينها أن هذا الإنجاز يعتبر خطوة هي الأولى من نوعها، وبسواعد وخبرات وطنية، وخلال فترة زمنية قياسية لم تتجاوز الـ 15 يوماً من العمل، أي: بمعدل بناء طابق في اليوم، وهذا يعتبر إنجازاً يعكس تميز الخبرات الوطنية التي ساهمت في هذا المشروع.
وفي التفصيل، بأن البناء تم تنفيذه بطريقة حديثة ومتطورة، تحديداً بتقنية القالب المنزلق، التي تستخدم للمرة الأولى لتنفيذ أبراج سكنية، وكانت تستخدم سابقاً في تشييد صوامع الحبوب، وبأن هذه التقنية تتميز بسرعة التنفيذ.
المشروع المنفذ أعلاه مؤخراً، مع ما رافقه من تغطية إعلامية تتغنى بالإمكانات التي تمتلكها شركات الإنشاءات العامة السورية، مع ما تم سرده من تفصيلات عن إمكانات الشركة العامة للطرق والجسور، وما سبق أن أنجزته من صوامع ومطاحن على مستوى القطر، وما تضعه نصب أعينها على مستوى المهام والأهداف خلال مرحلة إعادة الإعمار، حسب ما ورد آنفاً، لعله يكون بعض الرد على مساعي استقطاب الشركات الدولية الخاصة، لتحل محل شركاتنا العامة، من أجل انجاز مشاريعنا الوطنية ذات الطابع الاستراتيجي، بزعم ضعفها وترهلها وغيرها من المزاعم التيئيسية الأخرى، والتي خرجت من حيز المساعي ووصلت إلى حدود عقد الاتفاقات، كما خرجت من حيز المزاعم وصولاً إلى حدود التهميش والتصفية.
تتمات وتوابع
لقد رشح عبر وسائل الإعلام أيضاً: أن الوزير أكد حرص سورية على تطوير علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري مع ماليزيا، والاستفادة من الخبرات والكفاءات الماليزية، في إقامة مشاريع صناعية تتبع لمؤسسات وشركات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وخاصة في مجال بناء الصوامع وتخزين الحبوب، والمساهمة في مشاريع ذات العلاقة بمرحلة إعادة إعمار سورية والعمل على استمرار اللقاءات بين الشركات السورية والماليزية، لإقامة مشاريع مشتركة تنموية، تساهم في تطوير البنية الاقتصادية في سورية.
يبقى أن نتساءل بعد ذلك كله:
هل من مصلحة وطنية بإحلال الشركات الأجنبية مكان الشركات العامة الوطنية التي تمتلك الامكانات والخبرات على مستوى المشاريع الاستراتيجية؟
ولمصلحة من يتم تحييد وتهميش دور شركاتنا الإنشائية العامة، والاستخفاف بإمكاناتها، وصولاً إلى وضعها على رف انتظار الموت السريري البطيء؟
من كل بد، لا مصلحة وطنية بذلك، لكن على ما يبدو أن مصالح الاستثمار والتربح هي الطاغية، في ظل الاستمرار بالسياسات الليبرالية المحابية لهذه المصالح، محلياً ودولياً.