ابتكارات لا بد من لجمها!
انتهت أخيراً المعاناة من قطع شبكات الاتصال والنت، التي تزامنت مع امتحانات الشهادة الثانوية العامة، بدورتها العادية والتكميلية.
فقد أنهى طلاب الشهادة الثانوية امتحانات الدورة التكميلية لهذا العام، بتاريخ 9/8/2017، واستعادة شبكات الاتصال «عافيتها»، بعد أن استمرت معاناة انقطاعها بالساعات الصباحية طيلة فترات الامتحانات العامة للشهادة الثانوية، وحسب موعد كل مادة.
آثار سلبية ولا مبالاة!
قطع شبكة الاتصالات والنت بالفترة الصباحية المتزامنة مع مواعيد التقدم للامتحانات كانت حلاً، مبتكراً وسهلاً وغير مكلف، تم اتخاذه من قبل وزارة التربية بالتعاون مع الاتصالات، خلال السنوات الماضية، وذلك بذريعة منع بعض حالات الغش التي يمكن أن ترتبط بالتكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها، والتي يمكن أن يلجأ إليها بعض الطلاب أثناء الامتحانات، وقد كان لهذا الحل المبتكر الكثير من الآثار السلبية، التي لا يمكن اعتبارها جانبية أو هامشية، بل هي بالحقيقة عميقة وتمس قطاعات واسعة، اقتصادية واجتماعية، ولكن لا حول ولا قوة أمام هؤلاء، في ظل عدم المبالاة بمصالحهم رسمياً!.
العجز لا يبرر الإضرار بمصالح الغير
هذا الحل الابتكاري السهل، والذي يعتبر بجانب أساسي منه تعبيراً عن العجز لدى التربية في ضبط العملية الامتحانية نفسها، بالإمكانات الذاتية، كونها من واجباتها ومهامها أولاً وأخيراً دوناً عن سواها، كان بالواقع العملي إضراراً بمصالح الغير، ومكلفاً لبعضهم، بل وضرباً بالحائط بهذه المصالح، وهو ما تتحمل وزره الاتصالات أكثر من التربية، كونها الجهة المتعاقدة مع مشتركيها بتزويدهم بخدماتها، ولا يوجد ما يبرر تعاونها مع التربية بهذا الصدد على حساب هؤلاء ومصالحهم، لا عرفاً ولا قانوناً، إلا ما درجت عليه من عادة مع التربية بهذا المجال خلال الأعوام الماضية، وهو ما لا يمكن اعتباره حقاً مكتسباً بحال من الأحوال، مهما كانت مبرراته وذرائعه وضروراته، خاصة وأن سلبياته عامة وليست خاصة.
تساؤلات
ونتساءل بهذا الصدد:
هل كان من الممكن أن يتم اللجوء للتقاضي ضد الاتصالات كونها أخلت بالتعاقد مع مشتركيها على تقديم خدماتها، خاصة وأن البعض تكبد خسائر جراء ذلك؟
وبحال تم اللجوء لهذا الخيار القضائي، القانوني والمشروع، هل كان من المكن أن تستمر الاتصالات بالتعاون مع التربية بهذا الصدد، وبهذا الشكل المضر بالمصالح؟
أليس بالإمكان إيجاد سبل ووسائل تقنية، ربما أكثر حداثة ولكنه مكلف بعض الشيء، غير قطع الاتصالات والنت كنموذج متخلف، خاصة بظل تضافر الجهود بين التربية والاتصالات وسواهما، بهذا الشأن؟
وأخيراً متى سيتم احترام المواطنين ومصالحهم من قبل الجهات الخدمية كافةً، العامة والخاصة، حسب المهام والواجبات المبوبة بموجب القوانين والأنظمة؟
فرصة جديدة لتحمل المسؤولية
بناء على كل ما سبق نتوجه إلى التربية والاتصالات، والحكومة من خلفهما، أمامنا منذ الآن عام دراسي كامل، وقد بات من الضروري أن تتحمل التربية مسؤولياتها بما يتعلق بضبط العملية الامتحانية، بعيداً عن نماذج الابتكارات السهلة والمضرة بمصالح الناس، والمتمثلة بقطع الاتصالات والنت، أو سواها، حيث يمكن إيجاد الحلول التقنية الكافية من أجل منع استخدام وسائل التقانات الحديثة بعمليات الغش الامتحاني، بحال تضافر الجهود مع الجهات العامة المختصة بالمجال التقني.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه المشكلة على هذا الصعيد، رغم أهميتها، ربما هي الأصغر على مستوى المشاكل الكثيرة الأخرى، والأكثر تعقيداً، المتعلقة بالتعليم، والسياسات المتبعة فيه بشكل عام.
فهل من الممكن استثمار هذا العام الدراسي من أجل إيجاد الحل المناسب لهذه الاشكالية وسواها؟
أم أن الاضطرار سيدفع المواطنين للمطالبة بحقوقهم المشروعة قانوناً وقضاءً؟!.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 823