المضاربة بالخضار والفواكه «تجارة رابحة»!

المضاربة بالخضار والفواكه «تجارة رابحة»!

أيام فقط فصلت بين التصريحين؛ وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أكدت مع أول أيام شهر رمضان أن الأسواق شهدت انخفاضاً في أسعار عدة مواد من خضار وفواكه ولاسيما مادتي البطاطا والبندورة بنسبة تجاوزت الـ 60% من السعر، وهذا عائد إلى وفرة المادة وقلة تصديرها وفقاً لحديثها، ليأتي تصريح آخر من شركة «أديغ يوراك)  الروسية، تؤكد خلاله: إنها بانتظار وصول 12 حاوية (كونتينير) بوزن 240 طن تتضمن ثمار الخوح والمشمش والكرز السوري، بينما تتطلع لاستيراد ما يقارب 6 آلاف طن من الفواكه والخضراوات السورية مع نهاية الصيف الجاري.

التصريحات بحد ذاتها لا تهم المواطنين وخاصة غير القادرين على الربط والغوص في التفاصيل، فأسعار السوق هي الحكم بالنسبة إليهم، فقد لا يكون هناك تطابق نهائياً بين نشرات أسعار وزارة التجارة الداخلية التي تصدرها هي وتستند إليها عندما تتحدث عن انخفاض أسعار، وبين أسعار السوق الحقيقية التي يلمسها المواطن، حيث وصلت الفروقات السعرية إلى أكثر من 100 ليرة سورية للكثير من أنواع الخضراوات والفواكه.
من يلتزم؟
بنظرة بسيطة، البندورة مسعرة وفقاً للنشرات السعرية بـ 160 ليرة سورية، لكنها تباع بـ 250 ليرة تقريباً، والخيار مسعر بـ 240 ويباع بـ 350، والليمون مسعر بـ 325 لكنه يباع في السوق بـ 400 ليرة سورية، وهذه عبارة عن عينات بسيطة يمكن للمواطن السوري أن يلمسها بجولة سريعة على أية سوق للمفرّق.
الكثير من الفواكه غير مدرجة ضمن نشرة أسعار مديريات التجارة الداخلية، وقد تجاوز سعرها الـ 500 ليرة، حيث وصل سعر كيلو المشمش والجارنك والكرز إلى 600 ليرة، والدراق بين 400- 500 ليرة، والتفاح 350 – 400، وبقي الموز بسعر 1300 ليرة، وهذه الأسعار بعيدة كل البعد عن القدرة الشرائية للمواطنين.
سابقاً، أكدت مصادر في لجنة تصدير واستيراد الخضار والفواكه في سوق الهال: أنّ مشكلة ارتفاع الأسعار تكمن باستيراد كميات أقل من الحاجة إضافة إلى التصدير بكميات كبيرة، ولعل هذا التوجه ليس بجديد على الحكومة الحالية التي تسعى بشتى الوسائل إلى زيادة واردات الخزينة ولو كان ذلك على حساب القدرة الشرائية للمواطنين.
من يتحكم بالاستيراد والتصدير؟
لكن ليس التصدير والاستيراد هو السبب فقط، بل هناك أسباب أخرى لا تقل أهمية، فمع بداية شهر رمضان، لوحظ تنوع كبير في السلع ضمن الأسواق، وكانت هناك خيارات واسعة وكثيرة، سواء بالنسبة للخضار والفواكه أو باقي السلع الاستهلاكية، لكن الأسعار غير مشجعة، وهذا يدل على القدرة والقوة التي بات يتمتع بها التجار، كونهم قادرين حتى اليوم على فرض الأسعار التي يريدونها على وزارة التجارة الداخلية بداية وعلى المستهلك نهاية، في سبيل تحقيق أرباح كبيرة.
ودليلاً على تحكم التجار في السوق، في الفترة السابقة وحينما ارتفع سعر البندورة في موسمه على سبيل المثال لا الحصر، ووصل إلى 500 ليرة، كانت هذه الفاكهة تصدر إلى روسيا ولبنان والعراق، وتؤكد مصادر سوق الهال: أن الأنواع الجيدة من البندورة كانت تصدر للخارج ما خلق مشكلة في تأمين البندورة الساحلية لتأمين حاجة الأسواق المحلية وهذا مارفع سعرها.
الشهر الماضي، طالب أمين سر لجنة مصدري الخضار والفواكه محمد العقاد بتشكيل لجنة من تجار سوق الهال ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تتلخص مهمتها بالمشاركة في وضع آلية وخطط مسبقة لاحتياجات سورية من الخضار والفواكه ووضع قائمة مسبقة بما يسمح أو يمنع استيراده وتصديره شهرياً، تلافياً لأية مشكلة يمكن أن تحدث، وأكد العقاد: أن الاقتراح رفع إلى الوزارة ولم ينفذ بعد.
مشكلة المفرّق!
عدا عن ذلك، تؤكد مصادر في اللجنة: أن وزارة التجارة تجتمع مع أشخاص محددين من سوق الهال ولا تجتمع مع جميع المعنيين، وتصدر قرارات تكون مفاجئة في بعض الأحيان بخصوص الاستيراد والتصدير لا يعلم بها العديد من التجار، بينما يتحكم بها تجار محددون.
هذا بالنسبة للاستيراد والتصدير، لكن هناك مشكلة مهمة تتمثل بعدم قدرة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على ضبط أسعار بائعي المفرق، الذين قد ترتفع أسعارهم عن الجملة حوالي 100%، بحجة تكاليف النقل، علماً أنه سبب غير مقنع وما يثبت ذلك تفاوت الأسعار بين بائع وآخر.
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تعلن بين الحين والآخر عن ضبوط مخالفات في الأسعار، لكن وعلى مدار سنوات الحرب وحتى قبلها، لم تستطع الوزارة ضبط السوق وأن تكون عقوباتها رادعة للمستغلين جميعهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
813