أسطوانة الغاز مستهدفة أم المستهلكون؟!
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

أسطوانة الغاز مستهدفة أم المستهلكون؟!

مضى عام تقريباً منذ الرفع الأخير لسعر أسطوانة الغاز المنزلي «الفارغة»، حيث تم تحديد سعرها بـ 8800 ليرة في بداية عام 2016، ليتم الحديث مؤخراً عن النية برفع هذا السعر ليصل إلى 19000 ليرة.

فقد تداولت المعلومات عن وجود مقترح مقدم للجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء لرفع سعر أسطوانة الغاز 19000 وبأن القرار قيد الصدور.
تجار السوداء والمعفشون هم المستفيدين
لعل هذا الرفع بالسعر قيد الصدور، يصب في مصلحة مؤسسة معامل الدفاع في تغطية تكاليفها، حسب ما قيل، ومن أجل رفد السوق بأسطوانات جديدة، مضمونة الجودة والموصفات للمستهلك، إلا أنّ واقع الحال يقول: إن المستفيد من هذا الرفع بشكل أكبر هم تجار السوق السوداء والمعفشون، وذلك لعدم توفر هذه الأسطوانات بشكل دائم عبر المسالك الرسمية، حيث يقوم هؤلاء بتأمين احتياجات السوق المتنامية عبر أسطوانات الغاز المستعملة والقديمة، بل وربما تلك التي لم تعد تنطبق عليها شروط المواصفة والجودة، وخاصة ناحية الأمان، محققين أرباحهم على حساب حاجة المواطنين.
فمشكلة تأمين مادة الغاز المنزلي بالنسبة للمواطنين كانت ومازالت من المشاكل المؤرقة لحياتهم ومعيشتهم، وذلك لعدة أسباب، تبدأ اعتباراً من عدم توفر هذه المادة بالكميات المطلوبة، وخاصة خلال فصل الشتاء، مروراً بعدم توفر العدد الكافي من الأسطوانات الفارغة «حديد»، وليس انتهاءً بتحكم الموزعين وتجار السوق السوداء والفاسدين بعمليات العرض والطلب في السوق لهاتين المادتين.
مشكلة مستعصية
على الرغم من مرور أعوام على تلك المشكلة المؤرقة، إلا أن الإجراءات الرسمية لم ترق إلى إيجاد حلول جذرية لها، فبدلاً من تأمين كميات إضافية من هذه المادة؛ تم التلاعب بالكميات المعبأة بكل أسطوانة تخفيضاً، حيث كانت الأسطوانة تعبأ بـ 12 كغ سابقاً، وتم التخفيض الأول لتصبح كمية التعبئة 10 كغ، وتبعه تخفيض آخر حيث يتم تعبأة الأسطوانة حالياً بـ 8 كغ من مادة الغاز، بالإضافة إلى إجراءات الرفع المتتالية للسعر خلال الأعوام الماضية، سواء لمادة الغاز، أو للأسطوانات «الحديد»، ومع ذلك يتم التغني بالإنتاج اليومي من أسطوانات الغاز المنزلي، على مستوى التعبئة، زيادة أو انخفاضاً حسب المواسم والفصول، وكأنه إنجاز، وهو في الواقع العملي هروب من حل المشكلة ليس إلا، رغم معرفتنا بوجود بعض الضغوطات المتعلقة بتأمين هذه المادة بالكميات المطلوبة والكافية لسد الاحتياجات، ولكن عامل الزمن الطويل على هذه المشكلة كان كفيلاً بحلها بشكل نهائي لو توفرت الإرادة الحقيقية لهذا الحل، وكأنها مشكلة مستعصية وعصية.
زيادة في التحكم
على حساب المستهلك
كان المواطن يستهلك أسطوانة الغاز للاستعمالات المنزلية العادية خلال مدة تصل إلى شهر ونصف، وأحياناً شهرين، في حين تكاد حالياً لا تكفي حاجات الاستهلاك لشهر واحد، في ظل التخفيضات الجارية على كميات التعبئة كما سلف، ما يعني أن طوابير الانتظار والمعاناة من أجل استبدال أسطوانات الغاز بدلاً من أن تجدد كل شهر ونصف أو شهرين أصبحت مدتها أقل من شهر، ممّا فسح المجال واسعاً أمام الموزعين وتجار السوق السوداء للتحكم أكثر بتأمين هذه المادة، ناهيك عن دور الكثيرين منهم بسحب كميات من الغاز من كل أسطوانة لتعبئة الغازات الصغيرة المحمولة، على حساب المستهلك، بسرقة شبه مشروعة، في ظل الضغط الجاري على هذه المادة كحاجة أساسية يومية.
كذلك الأمر جرى على مستوى الأسطوانات الفارغة، فعلى الرغم من سوء أسطوانات الغاز ناحية الجودة والمواصفة، والتي وصلت لحدود سوء صماماتها بكثير من الأحيان، نتيجة عدم التجديد خلال السنوات الماضية بالشكل المطلوب، ونتيجة سوء تعامل الموزعين مع هذه الأسطوانة، حيث يغلب «الشلف والرمي» على الأرض لهذه الأسطوانات من قبلهم أثناء عمليات الاستبدال، سواء في معامل التعبئة أو مع المواطنين، بالإضافة إلى أنّ البعض من المستهلكين، وخاصة كبار السن والأطفال، يقومون «بدحرجة» الأسطوانة على طول الطريق من وإلى موزع الغاز، ما جعل من أسطوانات الغاز المتداولة في السوق كلها، وكأنها تخرج من معركة لتدخل أخرى، وليستقر أمر هذه الأسطوانات وعلى الرغم من كل سوء وضعها رفعاً بالسعر المتتالي رسمياً، وفي السوق السوداء.
والنتيجة من ذلك كله، أن أسطوانة الغاز، فارغة أو مليئة، باتت مستهدفة رسمياً عبر الإجراءات سابقة الذكر، وبشكل غير رسمي عبر إجراءات التحكم المسيطر عليها من قبل الموزعين وتجار السوق السوداء، ولكي يدفع المستهلكون بالنتيجة ضريبة هذه الاستهدافات المتراكبة، على حساب احتياجاتهم ومعيشتهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
812