سد الفرات تهويل لا يخفي مخاطر!؟
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

سد الفرات تهويل لا يخفي مخاطر!؟

كثر الحديث مؤخراً عن سد الفرات، والمخاطر الكارثية المتوقعة بحال تعرضه للانهيار، مع الكثير الكثير من البهارات والتهويل، الذي لم يخرج عن حيز التعبئة والتحريض والتوظيف السياسي، المباشر وغير المباشر.

 

منذ مطلع عام 2013، بدأ الترويج والتهويل عن إمكانية تعرض سد الفرات للانهيار، وذلك على أثر خروجه من سيطرة الدولة.

الاقتران بالعمليات العسكرية

في الشهر التاسع من عام 2013 بدأ الحديث عن نية «جبهة النصرة» الارهابية بضرب سد الفرات، مع اتهام الجيش السوري بشكل مسبق لأية نتيجة جراء اشتباكه مع المجموعات المسلحة، بما فيها «النصرة» الإرهابية، بحينه.

ومع تغير السيطرة على الرقة إلى تنظيم «داعش» الإرهابي لاحقاً، تواترت الإشاعات أيضاً عن إمكانية انهيار السد، وإن بشكل أقل، وأخف ناحية التعبئة والتحريض.

مؤخراً تصاعدت تلك الإشاعات مع الكثير من العربدة الإعلامية، والتهويل، الذي ترافق مع استهداف أجزاء منه، من قبل قوات التحالف والطائرات الأمريكية، كما غيره من البنى التحتية والمشاريع الاستراتيجية، التي استهدفتها ودمرتها تلك الطائرات عمداً، على طول وعرض المنطقة الشمالية من سورية.

وقد ترافق التهويل الإعلامي مؤخراً مع اقتراب الجيش السوري من حدود محافظة الرقة من طرف، بالإضافة لقوات سورية الديمقراطية من طرف آخر، مع ما حمله ذلك من ضربات موجعة للتنظيم الإرهابي، أدت إلى تراجعه وانحسار قدراته، مع النتائج العملية لهذه وتلك على معنويات مقاتليه، الذين بدأوا بعمليات الإخلاء لبعض مواقعهم هرباً، بالإضافة لخروج بعضهم عن الولاء والمبايعة لهذا التنظيم الإرهابي، كمؤشر على عمق أزمته البنيوية، كما أزمات مموليه وداعميه، الدوليين والاقليميين.

معلومات

سد الفرات يقع في محافظة الرقة، ويبعد عنها بحدود 50 كم، ويبلغ طوله أربعة ونصف كم، وارتفاعه أكثر من 60 متراً، وقد تشكلت خلف بناء السد بحيرة كبيرة يبلغ طولها 80 كم، ومتوسط عرضها 8 كم، وتخزن ما لا يقل عن 12 مليار متر مكعب من المياه فيها.

وقد تمت المباشرة في بناء السد في عام 1968، واستمرت العمليات الإنشائية نحو خمس سنوات تقريباً، حيث استكملت عمليات الإنجاز على مراحل، وبتقنيات عالية ومتطورة، من قبل المهندسين والخبراء السوفييت، بالتعاون مع المهندسين والعمال السوريين، ليصبح السد معلماً سورياً هاماً، ليس على المستوى الاقتصادي فقط، بل وعلى المستوى الهندسي والإنشائي، والتقانات المعتمدة فيه، حيث يعتبر سد الفرات، من حيث الترتيب، الثاني عربياً، بعد سد أسوان في مصر، والخامس عشر على مستوى العالم، سواء على مستوى الأهمية الاستراتيجية، أو على مستوى البنية الإنشائية، وخاصةً بنية جسم السد وقوامها، ومدى تحملها للمتغيرات ومقاومتها للعوامل الطبيعية، وخاصة الزلازل، والانزياحات التكتونية، أو ذات الطبيعة الانسانية التدميرية المباشرة كالحروب، بما فيها المقدرة على تحمل القصف المباشر وغير المباشر.

وقد تمت الاستفادة من السد، من خلال الكثير من المشاريع الزراعية الكبيرة في المنطقة، بالإضافة إلى توليد الطاقة الكهربائية، ناهيك عن درء الفيضانات التي كانت تأتي على البلدات والقرى المنتشرة على مسار نهر الفرات.

الواقع الراهن

رغم تضارب المعلومات، بحسب المصادر ومقدار الاستفادة منها تهويلاً وتضخيماً ورعباً، إلّا أنه يمكن استخلاص التالي:

- السد خارج عن الخدمة حالياً.

- محطة التغذية الذاتية متضررة.

- جسم السد لم يتضرر، ولا خطورة عليه من حيث البنية.

- غرفة التحكم تسربت المياه إليها، ومن غير المعلوم بشكل دقيق مقدار نسبة التسرب تلك، وبأسوأ الأحوال مع ارتفاع مناسيب المياه فيها فإن الأمر لا يتعدى عملية نضح المياه منها، وإصلاحها، الذي يحتاج لبعض الوقت.

- الروافع الدائرية لا تعمل فعلاً، لعدم وجود تغذية ذاتية، والتي تحتاج إلى محرك ديزل كي يغذي الغرفة ويقوم برفع صفائح العنفات، ومحرك آخر كي يقوم بفتح المفيضات، وفتح بوابات ري مشاريع الحوض وبوابة البليخ.

- بوابة قناة الجر وبوابة البليخ تم فتحهما، حيث يبلغ التدفق 70 متر مكعب بالثانية في بوابة البليخ، و 50 متر مكعب بالثانية، في بوابة الري.

لنصل إلى نتيجة مفادها: ألّا خطر حقيقياً راهناً يهدد سلامة السد، أو انهياره، وكل ما يتم الترويج له عبر الإعلام، ما هو إلا تهويل وترهيب وتحريض، بغايات سياسية وعسكرية أمنية، تسعى البعض من القوى، المحلية والإقليمية والدولية، إلى حصد نتائجها.

مع عدم التقليل من أي خطر طبعاً، في ظل الجنون الذي يعصف بداعش وداعميه، على إثر التراجعات الجارية ميدانياً وسياسياً، وما سيتبعها لاحقاً من تراجعات إضافية آتية لا محالة، بالإضافة لما تشكله ضربات الطائرات الأمريكية من أخطار محتملة أيضاً، في ظل استمرارها باستهداف وتدمير البنى التحتية كلها في المنطقة، في منهجية تدميرية واضحة، بعيداً عن الادعاءات كلها بمحاربة الإرهاب عملياً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
804