ماذا تقول يا صاحبي تداعيات

* أسعد الله صباحك ومساءك، أسبوعان مرا ولم أرك خلالها لو مرة واحدة،أين كنت؟ وما الذي شغلك عنا يا صاحبي فنسيت لقاءنا المعتاد بشلة الأصدقاء كل اثنين وخميس؟

• شغلني ظرف صحي طارئ، اضطرني للذهاب إلى مشفى العيون لفحص عيني التي أصابها مرض ترك أثره على قدرتها البصرية، حيث صرت أرى غبشاً متراقصاً أشبه ما يكون بشكل ذبابة صغيرة تحوم  من موضع إلى آخر في مدى الرؤية لتحول دون إبصار الأشياء بوضوح، وبعد التشخيص والتصوير تبين أن عيني تعاني من الإجهاد وكثرة التدقيق والمطالعة، مما استوجب ضرورة إراحة العينين بعيداً عن المطالعة والتدقيق والأضواء.
*هذا لعمري من علامات الشيخوخة .. لقد كبرت يا صاحبي !!
• معك كل الحق فإن للعمر كما يقال دوره وحقه، فأنا في السبعين من عمر أمضيت معظمه في المطالعة والعمل الكتابي، ومنه أربعون سنة في ميدان التدريس غنية حافلة بكل الجهد والنشاط والعطاء.
*بمناسبة الكلام عن العمر الحافل، ألا تحدثني عن بعض ما مرت به من أمور طريفة؟!
• كثيرة جداً هي الأمور «الطريفة» التي مررت بها، منها السار ومنها المحزن المؤلم، منها المحفز ومنها المحبط، في شتى مجالات العمل والوظيفة والسياسة والحياة الحزبية النضالية، إنني من الجيل الرابع من أجيال الحزب، جيل الخمسينات من القرن المنصرم، ملأ ويملأ نفسي شعور الاعتزاز بالانتماء  والالتزام منذ ثلاث وخمسين عاماً سداها ولحمتها نشاط وجهد، إنها باختصار شريط ذكريات عمل دؤوب على كل الأصعدة «اجتماعات ـ ندوات ـ دورات ومحاضرات ـ حوارات ونقاشات ـ اعتصامات ومظاهرات ـ جمع تواقيع على عرائض مطلبية وسياسية ـ جمع تبرعات ـ عمل طوعي ـ توزيع بيانات ومنشورات ـ كتابة على الجدران ـ مخيمات ـ وفود ـ مدارس حزبية ـ ملاحقات وتوقيف وسجون ـ احتفالات و.....، ومن الظريف ما مر معي على سبيل المثال مشاركتي في أواسط ستينات القرن الماضي بدورة إعداد معلمين للإيفاد إلى الجزائر للمساهمة في عملية التعريب، فقد داومت بصورة نظامية و«بتفقد يومي» وقدمت الامتحان بكل جدارة وتفوق، وحين إعلان النتائج لم أقرأ اسمي بين الناجحين، وعند السؤال عن تفسير لهذا الأمر العجيب الغريب، قيل لي: إنك لم تشارك لا في الدورة ولا في الامتحان، وإن لم تقتنع بهذا التفسير فاسأل «الأمن» فعنده الجواب!! وبذلك ضاعت فرصة العمل والسفر إلى الجزائر هكذا «عينك عينك» ، وأمر أخر لا يقل عنه «طرافة» هو ما حصل معي عام 1967 فبعد نجاحي في مسابقة انتقاء مدرسين للعمل في المحافظات، وبعد قضاء عام كامل في التدريس بمحافظة دير الزور، فوجئت كما فوجئ قرابة مائة زميل من المدرسين الناجحين في المسابقة والعاملين بعدم تثبيتنا في العمل بحجة أننا لم ننجح في المسابقة «أمنياً» في مختلف المحافظات، ورغم كل هذه الأمور الطريفة والتي تعد بالعشرات والمئات، وهي من المنغصات الحقيقية، لم تحل دون سعينا الدائب والدائم لتخطي كل ما اعترضنا ويعترضنا من عقبات ومصاعب، وعلى قول الشاعر :
إني قرأت على العيون شعارهم
قمم المصاعب تحت أقدام الشيوعي
*أما زلت مصراً على متابعة الطريق وتخطي العقبات والمصاعب؟
• صدقني إن قلت لك: إن القناعة تزداد رسوخاً بصحة هذا الدرب واليوم ونحن على أعتاب الذكرى الثانية والثمانين لتأسيس الحزب السوري، يغمرني شعور دافق بأن الشيوعيين في كل فصائلهم وخارج التنظيمـ إن كانوا شيوعيين حقاًـ سينهضون للعمل الجاد في سبيل وحدتهم، ولاستعادة دورهم الطبيعي في الالتحام بالجماهير الشعبية وحمل همومهم ورفع شعاراتهم والنضال لتحقيق مطالبهم المشروعة في الحياة الأفضل ولإعادة الرونق والبهاء والسمعة الطيبة لكلمة واسم الشيوعي .. فماذا تقول ياصاحبي؟
وكل عام وأنتم بخير

معلومات إضافية

العدد رقم:
283