على حافة الحضارة البشرية (النازحون).. ماذا قدم لهم وطنهم والقائمون عليه سوى الـ...؟؟
قصة منطقة ( جديدة الفضل) في ريف دمشق كقصة معظم المناطق التي نزح إليها أبناء محافظة القنيطرة بعد أن دمرت قراهم ومدنهم أثناء العدوان الإسرائيلي 1967، هؤلاء الذين باتوا يعرفون باسم ( النازحين) تم إسكانهم في عدة مناطق في دمشق وتخومها على أمل العودة السريعة إلى أرض الآباء والأجداد، لكن ما حصل هو أن هؤلاء النازحين بقوا في أماكن سكناهم حتى يومنا هذا رغم مرور مايقارب أربعين عاما من النزوح القسري الذي طالهم وأضيف الحرمان الكامل من الخدمات الإنسانية التي كان يفترض أن تتوفر لهم لحين عودتهم.
لقد أصبح هذا الحرمان المزدوج يرافقهم في كل أماكن سكنهم (المؤقت)، وعلى سبيل المثال فسكان (الفضل) يحلمون منذ سنوات أن تقوم بلديتهم بتأمين حاويات للقمامة لدرء الأمراض المتفشية، لكن وللأسف لم يتحقق حلمهم حتى يومنا هذا، ومازال العنوان الأبرز لهذه المنطقة هو الحرمان الكامل من جميع الخدمات الضرورية للحياة الطبيعية لأي إنسان، لذلك لابد من التحرك الجدي لتحسين كافة الخدمات الضرورية في (جديدة الفضل) وسواها دون تأخير لحين عودة (النازحين) إلى قراهم ومزارعهم المحتلة، وبحث التعويضات الكاملة لجميع المتضررين من أبناء محافظة القنيطرة (المحررة) ومعاملة أبنائها بوصفهم محافظة مواجهة مع العدو الصهيوني، وهذا سيعزز حتما ثقة الجولاني بنفسه ودولته أكثر بكثير مما هي عليه الآن. أما بقاء هؤلاء هكذا.. في مدن الصفيح الفقيرة المنتشرة والمبعثرة فهو كارثة لابد من إيجاد الحل المناسب لها. فهل يعقل أن تنحصر أحلام الناس في تأمين حاويات قمامة لأحيائهم؟؟ إنها لمصيبة كبرى.. ويكفي المرور بقرب هذا الحي حتى يشتم الإنسان الروائح الكريهة التي باتت السمة الأبرز لهذه الأماكن الذي يسكنها.. بشر!!
اللاشمانيا تفتك بـ(الفضل)!
نتيجة كل ما سبق انتشرت العديد من الأمراض بين سكان هذا الحي الفقير، وكان أخطرها على الإطلاق مرض اللاشمانيا الذي انتشر على نطاق واسع، وأرقام الإصابات أصبحت مخيفة، ومن يريد رؤية الجبال الحقيقية من القمامة الجاذب الأساسي للذبابة الملعونة المسببة لهذا المرض الخطير المسمى شعبياً (حبة حلب)، فما عليه سوى السير في الشارع الرئيسي في هذا الحي حتى يكحل ناظره بهذه الكارثة..
رشوة بناء غرفة مخالفة25ألف
يقول المواطن حميدي: من المفروض أن تقوم البلدية بتأمين نظافة الحي، فهي مسؤولة عن هذا التدهور، وتبريرات رئيسها وأعضائها بخصوص الموارد الضعيفة التي يتلقونها من محافظة القنيطرة غير مقنعة، لأنه من غير المعقول أن تهمش هذه المنطقة بعلم المحافظة دون أن تتحرك.. الحقيقة أن جماعة البلدية ومن لف لفهم لا يصرفون شيئا من الأموال المتوفرة لديهم لحل مشاكلنا، بل هم منصرفون لمصالحهم الشخصية لاسيما فيما يخص الصفقات المتعلقة بـ(العمار) المخالف، وهنا الجميع متورطون في هذه القضية وباتوا يقبضون من المواطن على الطالعة والنازلة!!
يقول جاسم: البلدية تغمض العين على بعض الحالات وتفتحها (عشرة على عشرة) في حالات أخرى، والناظر إلى شارع السكة يعرف المواطن العادي من المدعوم! حيث هناك عدد من المنازل المخالفة والبارزة وأصحابها معتدون على الرصيف وعلى قسم من الشارع (على عينك يا تاجر) وتسعيرة بناء غرفة مخالفة في هذا الحي البائس باتت معروفة للجميع، وتقدر ب25 ألف ليرة سورية تذهب لجيوب عدد من المسؤولين في هذا الحي..
نعامل كالغرباء
السيدة أم حسن قالت: لماذا ينظرون إلينا بهذه الدونية؟؟ أليس من المخجل أن تحرم هذه المنطقة من حديقة عامة كمتنفس لنا ولأولادنا؟ والله أصبحنا نخجل من دخول حدائق المناطق المجاورة حيث يشيرون ألينا وكأننا غرباء عن هذا البلد.. والله عيب!!
وتتابع أم حسن حديثها بحرقة شديدة قائلة: فيما يخص المدارس حدث ولا حرج.. المدارس الموجودة لم تعد تكفي لأبناء المنطقة، وبما أننا مضطرون لقطع الشارع على الطريق العام أصبحنا نخاف على أولادنا من الدهس، وهناك العشرات من الحوادث حصلت في الماضي ومازالت تحصل حاصدة العديد من الأرواح.. أليس من حقنا أن نؤمن على أطفالنا حين ذهابهم إلى مدارسهم وعودتهم منها؟؟
أولويات السيد المحافظ الدبكة الشعبية
محمد صاحب بقالية: يكفي أن تتجول نصف ساعة في هذه المنطقة حتى ترى حجم المأساة في جديدة الفضل.. لا أحد يسأل عنا إلا في المناسبات الوطنية التي تعمم على أهل الحي، وعليهم الحضور مهما كانت الأسباب!! وهنا الأولية لحلقات الدبكة والغناء والرقص الشعبي التي أصبحت بنظر المسؤولين أهم بكثير من تأمين المياه النظيفة وبناء المدارس وباقي الخدمات الضرورية للناس! ويقولون لنا مرددين بلهجة الآمر: «لازم تبيضو وجهنا أمام السيد المحافظ»، وكأننا خلقنا لإدخال البهجة إلى محيا الضيف الميمون؟ وويل للمقصرين لأن عقوبتهم ستكون قاسية جدا تبدأ من حرمانهم من ركوب السرفيس وتنتهي حيث لا يعلمون؟!
الشجار اليومي
منذ سنين وسكان الفضل يحلمون بوسائل نقل متوفرة لمنطقتهم إلا أنهم لم يحظوا بهذا المطلب، والسيارات القليلة العاملة على الخط لا تفي الحاجة المطلوبة لسكان المنطقة، ولا يكاد يمر يوم دون مشاجرة بين أصحاب السرافيس والسكان، والأكثرية يفضلون الوقوف لساعات على الأوتوستراد بدل الوقوف في منطقتهم خوفا من هذه المشاجرات المتكررة.
يحلمون بيوم العودة
محمد طالب جامعي يتحدث عن المشاكل التي تحصل يوميا بين الشباب العاطلين عن العمل فيقول: «من المعلوم أن نسبة الشباب العاطلين عن العمل في ازدياد شديد في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، فكيف سيكون حال شباب هذا الحي الفقير حيث نسبة الأمية في ازدياد شديد والبطالة في زيادة متصاعدة مما أدى بالعديد منهم إلى سلوك طريق الانحراف»..
إن النازحين من محافظة القنيطرة الذين سكنوا في هذه المنطقة منذ أكثر من ثلاثين عاما لم يأتوا ويقيموا ترفاً، بل هُجّروا من بيوتهم وأراضيهم ومزارعهم قسرا دون أن يكون لهم في ذلك
حول أو قوة.. وهكذا طال الانتظار، وبقي النازحون أسرى هذه البيوت الصغيرة التي تشبه علب الكبريت حالمين بيوم العودة إلى ديارهم، لكن ضيافتهم المؤقتة في أماكن سكناهم لم توفر لهم الحياة الكريمة والعيش الكريم، فمسؤولية من هذه؟؟!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 283