كيف أصبحت شيوعياً؟

ضيف زاويتنا لهذا العدد قيادي شيوعي قديم، هو الرفيق خالد جميل حمامي من تنظيم الرفاق في تنظيم (النور).

الرفيق المحترم أبو جميل نرحب بك، ونسألك أن تحدثنا كيف أصبحت شيوعياً..
أنا من مواليد حلب 1931، كان والدي يعمل عمل أبيه وجده في الحمامات، ثم انتقل ليعمل في ورشة صيانة القاطرات في سكة الحديد، وبعد زمن عاد إلى صنعته السابقة، وكان متعلماً.. وانضم إلى صفوف الحزب الشيوعي عام 1939. أي باختصار نشأت في بيت شيوعي، وخلال دراستي في المرحلة الابتدائية تأثرت كثيراً بالمعلم الرفيق عبد الفتاح محبك، الذي كثيراً ما كان يحدثنا من خلال دروسه عن العدالة وحق الكادحين بالتحرر من الظلم والاستغلال، فصرت أشعر أنني قريب من الشيوعيين، أي غدوت صديقاً لهم.
وفي عام 1949 كلفني الرفاق ببعض المهمات، ومنها توزيع بيان أصدره الحزب يندد بالديكتاتورية العسكرية وحكم حسني الزعيم، وعلى أثر ذلك قبلت عضواً في الحزب الشيوعي السوري، لتبدأ مرحلة غنية بالعمل والالتزام والنضال الحزبي والطبقي... ومن ذكريات الصبا ذكرى مشاركتي مع أهل حينا بمحاصرة ثنكة للجنود الفرنسيين، وأذكر بوضوح منظر اثنين من الجنود المغاربة وهما ينزلان بواسطة الحبال على سور الثكنة ومعهما سلاحهما لينضما إلى صفوف الوطنيين الثائرين.
أسهمت مع الرفاق بالعمل بين العمال، وصرت سكرتيراً للجنة الفرعية لعمال الغزل والنسيج حتى عام 1959، وفي الشهور الأولى من ذلك العام كنت أعمل - كما يقال - تحت الأرض، أي في العمل السري، حتى اعتقالي وسجني في سجن المزة العسكري، حيث بقيت فيه ثلاث سنوات إلى أن حدث الانفصال وأطلق سراحي مع الرفاق المعتقلين. ثم تابعت نشاطي الجماهيري والحزبي، وأصبحت سكرتير اللجنة المنطقية في حلب، وفي عام 1965 بُلّغت أنني أصبحت عضواً مرشحاً للجنة المركزية للحزب، وفي المؤتمر الثالث عام 1969 انتخبت عضواً أصيلاً في اللجنة المركزية، وفي المؤتمر الرابع انتخبت عضواً في المكتب السياسي للحزب، وبقيت في هذا الموقع منتخباً إلى أن بلغت الخامسة والستين عام 1996، لكنني لم أنقطع عن الالتزام الحزبي، وبقيت أحضر اجتماعات المكتب السياسي ولكن دون مهمات... وغني عن البيان أنني أحسست بالألم العميق نتيجة ما تعرض له الحزب من الانقسامات والتمزق مما أضعف دوره، واليوم أعمل بكل إخلاص وجهد مع جميع الرفاق كي يستعيد الحزب دوره وموقعه بين صفوف الجماهير الشعبية مناضلاً صلباً في سبيل مصالح الشعب والوطن..
ومن الذكريات العزيزة التي مازالت حية في قلبي وخاطري ذكرى أول عمل (نضال جماهيري) قمت به حين كنت أشتغل في مشروع جر مياه الفرات إلى حلب، يوم سمعت أحد العمال يقول للمهندس المسؤول عن العمل: إن رواتبنا لا تكفي، ونريد منكم أن ترفعوا لنا الرواتب، وألا تتأخروا في دفعها كما يحدث الآن، فما كان من المهندس إلا أن نهره وطلب منه أن يترك العمل فوراً، (وسرحه)، فجاء هذا العامل ليخبرنا بما حدث معه شاكياً حالته، فقمت مباشرة مع عدد من الرفاق بتحريض بقية العمال في الموقع، وأعلنا الإضراب احتجاجاً على تسريح زميلنا، فاضطرت المؤسسة إلى إعادته لعمله، لكنها وبعد أيام قليلة أصدرت قراراً باسم مدير المؤسسة يقضي بتسريح عدد من العمال، وكنت واحداً منهم.
واليوم أستعيد ذاكرتي يوم كنت في الخامسة من عمري، كيف حملني أبي على كتفه وهو يشارك مع كثير من الرفاق باستقبال أعضاء الوفد السوري العائد من فرنسا بعد المفاوضات مع المسؤولين الفرنسيين من أجل الاستقلال والتحرر.
إن ما شدني إلى صفوف الحزب هو أنني وجدت فيه نصيراً حقيقياً للفقراء.. للكادحين من العمال والفلاحين.
مارست مهنة عامل ميكانيك في أحد معامل شركة نسيج، وهناك بدأت أنشط بين العمال على نطاق المهنة، وانتخبت رئيساً لنقابة عمال الغزل والنسيج في حلب، واستمر نضالي العمالي حتى دخلت السجن. ومن الذكريات أيضاً أنني بعد أن انتخبت رئيساً للنقابة سرحت في اليوم التالي لإعلان نتيجة الانتخابات.
لاشك في أن عملنا ونضالنا كان يستحوذ كل حماسنا ونشاطنا، يغطي كل وقتنا، مسيرة نعتز أننا مشيناها بكل الهمة والاندفاع والصدق والإخلاص لقضية الكادحين ومصلحة الشعب والوطن، وتحملنا في سبيلها المصاعب والملاحقات والاعتقال، لكننا ظللنا بين جماهير الشعب تملأ نفوسنا العزيمة والأمل بانتصار قضية العمال والفلاحين.
رغم كل القهر والظلم والتجني الذي تعرض له الرفاق فما زالت خطانا تمضي على درب النضال.. ومازلت أذكر أعضاء الفرقة الحزبية التي كان أبي أحد أعضائها ومنهم الرفاق: فرنسوا خاجريان وجورج حبوب، وابنه اليوم نقابي شيوعي معروف، وكان مسؤول تلك الفرقة الرفيق عبد الكريم الحمصي. هذه الفرقة كانت سرية عملت بين عمال سكة الحديد، وكانت أكثر اجتماعاتها في بيتنا. وأذكر من شيوعيي حارتي الرفاق ديبو تومان وأديب عكو ومحمد جمال الذين أنشؤوا عائلات شيوعية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
411