من أساطير الطّالب السّوريّ
تقول الأسطورة إنّه في إحدى ممالك العصور الغابرة، تقدّم شابّ من العامّة لخطبة ابنة الملك الحسناء، وما كان بإمكان الملك أن يرفض طلبه خشية أن يصفه شعبه بالظّالم والطّاغية، فقرر زج الشاب باختبارات عسيرة وتعجيزية، بعد أن وعده بتزويجه الأميرة في حال نجاحه فيها، فكان الملك كلّما عبر الشّاب اختباراً اخترع له امتحاناً أصعب وأخطر، بل ودسّ له أحدهم ليقيم العراقيل في وجهه. ورغم كلّ هذا اجتاز الشّاب كافّة الاختبارات بنجاح باهر، فلم يجد الحاكم مناصاً من قبول طلب الشّاب (حفاظاً على هيبة وعده). وبذلك تمّ هذا الزّواج وعاش الشّاب والأميرة في سبات ونبات، وخلّفوا صبياناً وبناتاً..
لكَم تشبه هذه الأسطورة أسطورة الطّالب السّوريّ خاصّةً في الأوقات الحرجة والّلحظات الحاسمة، كلحظة الصّفر عند بدء امتحانات الشّهادة الثـّانويّة، متمثـّلةً بقرارات تجعل الطّالب يفقد أمله في أيّ مجموع يحصّله مهما كان عالياً. ومن الملاحَظ أنّه لا مكان لأوقات السّعادة في أسطورة الطّالب السّوريّ، فهي مسروقة و(يا فرحة ما تمّت!)، فلم تكد فرحة الطلاّب بنتائجهم ونجاحهم تصل إلى ذقونهم حتّى قُرعَت طبول قلوبهم من جرّاء الاقتراحات والمشاريع المميّزة الّتي تطرحها وزارة التّعليم العالي الغراء، وأحدثها تغيير نظام القبول الجامعي من حيث عدم الاعتماد على المجموع كحكم نهائيّ، وجعله مترافقاً مع اختبارات ومسابقات تسبر طاقات ومواهب وكفاءات الشّباب، بحيث تقرَّر من خلالها إمكانيّة قبولهم في الفروع الجامعيّة.
لا أحد ضدّ التّغيير في آليّة القبول الجامعي المترهّلة، بل هو أمر ملحّ ومطلوب، ولكن ما هو الغرض الكامن وراء أكمة نشر مشاريع كهذه فور صدور النّتائج، وبعدما فات الأوان، ودون سابق إنذار، أو إعطاء الطّلاّب وقتاً لكي يستعدوا نفسياً وفكرياً لتجربة فريدة كهذه!!
وهنا يجب التّذكير بأنّه توجد نسبة كبيرة تشكّك في مصداقيّة مثل هذه الأساليب في القبول، وذلك بسبب بروز المحسوبيّات والوساطات في حجز تذاكر التّأهّل لأيّ فرع جامعي.
ثمّ من سيدفع ثمن هذه التّجربة في حال فشلها؟ الطّلاّب طبعاً!!
نطالب وزارة التّعليم العالي بأن تضع الطلاب والأهالي دائماً في صورة مشاريعها في التّوقيت الملائم والصّحيح، وخاصّةًً إذا كانت هذه المشاريع مصيريّة وحاسمة كمشروع القبول الجامعي... وبذلك تكون نهاية أسطورة الطّالب السّوريّ سعيدة كنهاية أسطورتنا القديمة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 413