العقل طينة !... الحكومة .. في المعارضة..  وزارة المالية.. وحدها؟!

بعد أن زاد الحد الأدنى المعفى من ضريبة الدخل على الرواتب والأجور حيث شمل الألف الأولى من الراتب زاد الحديث عن رفض وزارة المالية إعفاء الثلاثة آلاف الأولى من ضريبة الدخل. وليس هذا الرفض جديداً على وزارة المالية التي رفضت زيادة الرواتب «الأخيرة« أكثر من 25%، والتي رفضت مدة سبع سنوات أية زيادة على الرواتب في الحكومة السابقة، وهي الوزارة نفسها التي رفضت تخفيض شرائح ضرائب الأجور من 17.5% إلى شرائح ما بين 1% و7%.

تثبت وزارة المالية بهذه الطريقة أنها امتداد لسياسات الحكومة القديمة في الحكومة الحالية. ولا يخفى على أحد أن كرسي وزارة المالية يشغله نفس الوزير لما يقارب العشرين عاماً، ومنذ ما يقارب هذه الفترة تتدهور القدرة الشرائية للعاملين بأجر. وليس غريباً أن تتعارض مواقف وزارة ماليتنا ومصالحها مع مصالح العاملين بأجر، فكل وزارات المالية في بلدان العالم الرأسمالي «المتحضر« يرفضون زيادات الرواتب بحجة عدم وجود مصادر لتمويل الزيادات، ويرفضون تخفيض الضرائب عن كاهل العمال بحجة الحفاظ على موارد الخزينة العامة.

باختصار هذا يعني استمرار انخفاض مستوى معيشتنا وانعدام العدالة في توزيع الدخل الوطني مما قسّم وما زال يقسم السوريين إلى شريحتين إحداهما فاحشة الغنى فاسدة، والأخرى فاحشة الفقر مُفسَدة، وبينهما شريحة فقيرة أيضاً لكن وقاها الله فاحشة الفساد.

 باقي الحكومة .. وحدهم؟!

فإذا صدقنا مما سبق أن وزارة المالية وحدها تتحمل مسؤولية تعطيل تخفيض الضرائب عن رواتبنا، فإننا نقترح على باقي الوزارات الانتقال إلى صفوف المعارضة الوطنية، لكن بشرطين هما:

1ـ أن لا تقود وزارة الاقتصاد تحرككم في المعارضة، ويفضل نظراً للحاجة الماسة أن تقوده وزارة الداخلية.

 2 ـ أن تتركوا وزارة الثقافة مع وزارة المالية، لأن وزارة الثقافة أصلاً ترى في أي اعتراض عصياناً مدنياً يتطلب تدخل وزارة الداخلية، كما فعلت مع طلاب المعهد المسرحي، ولأنها معدة بنيوياً لاستنباط البعد التراثي للسياسة المالية والبعد الحضاري لتجميد الاحتياطات النقدية في المصارف، تماماً كبُعد النظر الثقافي باستخدام «المواهب« الإذاعية والتلفزيو - مسرحية في إدارة المعهد المسرحي بدل الأكاديميين المسرحيين، تماشياً مع الروح العملية لاقتصاد السوق وصولاً إلى «تصنيع« مسرحيات من الحجم العائلي إذ «تراها مرة، لن تنساها بالـمَرة».

بتحقيق هذين الشرطين تقوى صفوفكم وتستطيعون إقناع أعضاء مجلس الشعب بالانضمام إليكم في المعارضة الوطنية. وبمجرد أن تبدؤوا النضال (أكرر النضال) ضد سياسة وزارة المالية هذه، سيغادر هذا الشعب انتظاره وسيطلّق الحياد ويمشي معكم. فليست زيادة الراتب بحد ذاتها ما ينتظره الناس، وليس تخفيض الضرائب فقط ما يطلبه عمال بلدنا، إنما يريدون إزالة بعض أسباب سوء حالهم، إن لم يكن بالإمكان إزالة كل الأسباب. هكذا مع الشعب يمكن تنفيذ خطتكم لإصلاح الرواتب والأجور خلال ثلاث سنوات التي ورد فيها رفع الحد الأدنى لدخل أسرة مكونة من ستة أشخاص إلى 18 ألف ليرة سورية شهرياً؟!.

ونحن وحدنا؟!

أليس غريباً أننا لم نسمع من أحد، ولم نقرأ في أي صحيفة عن رفض وزارة المالية اقتراح زيادة الرواتب آلاف الليرات وهي التي رفضت تخفيض الضرائب بضع مئات من الليرات؟!.. أخشى أن تكون الوزارة قد استطاعت بحسّها المالي الفطري قد حسبت مقدار انخفاض قيمة الليرة السورية خلال السنوات الثلاث القادمة فوافقت على اقتراح الزيادة إن تحققت!.

اعذرونا، ما زلنا نترقب إصلاح السياسات السعرية والأجرية والضريبية، للتأكد من أنها لمصلحتنا نحن الشعب المحروم من ركوب «الشبح« رغم أننا تعايشنا مع الأشباح!..