عبدي يوسف عابد عبدي يوسف عابد

العبرة بالنتائج

«ذكرت (سانا) أن رئيس مجلس الوزراء د.مصطفى ميرو، أصدر قراراً بصرف مدير المصرف الزراعي بمدينة الدرباسية، وسبعة من رؤساء الأقسام، لأسباب تتعلق باالنزاهة، وكان قد أصدر قراراً بتوقيف المدير العام لشركة برادات بردى لاختلاسه ستة ملايين دولار، كما تم توقيف المديرين التجاري والإداري، وفي 22 تموز الماضي، أصدر قراراً بإقالة 24 موظفاً بتهمة الفساد، وقد أحيل عدد من المسؤولين وكبار الموظفين، إلى القضاء الاقتصادي، من بينهم عضوان بمجلس الشعب، وهما رئيس اتحاد الفلاحين السابق ونائبه.كما شمل الإجراء مدير مرفأ طرطوس ومدير شركة جبل قاسيون للبناء، وشركةالصرف الصحي، والمصرف التجاري السوري..»

- عن جريدة الشرق اللبنانية ـ 8/9/ 2002

إن هذا السلب والنهب لمؤسسات القطاع العام، من قبل حفنةٍ ضئيلة من الناس، هو أحد أسباب الضائقة الاقتصادية لبلدنا، وتدني مستوى حياة شعبنا المعاشية.

وقد أدى ذلك بالضرورة، إلى إثراء غير مشروع، بشكل يفقأ العين ويطعن سويداء القلب، ويمزق منه النياط، يتحدى النزاهة، بدوسها بأقدام قاسية بعنجهية، وبل ويسخر منها ويستهزئ بها، ويشطبها من الحياة الاجتماعية السوية، وكأنها أصبحت قيمة بالية (عصملية) لأن اللانزاهة حلت محلها مبدءاً سائداً معمولاً به، في أغلب المفاصل الإدارية، والمفسدون في غيهم سادرون، يعيشون حياة البذخ والبطر، على حساب غالبية الشعب التي تعيش حياة الفاقة والعوز.

معلم مدرسة أو مدرس، محامي أو طبيب أو مهندس، أو حتى شبه أمي، أو موظف في مركز حساس، وضعه الاقتصادي، بسيط عادي بحدود مداخيل مهنته أو راتبه، إذا به يصبح صاحب ثروات طائلة ضخمة منتفخة، من العقارات والرساميل والمشاريع والشركات.. عدا الحسابات السرية في المصارف الأجنبية.. طغم وحيتان مالية تتوالد باستمرار.

إنها نتيجة لضعف المراقبة والمحاسبة، من قبيل «حكلي لحكلك» أو اسكت عني لأسكت عنك.

إن مسيرة الاصلاح الاقتصادي والإداري، رغم أنها  تسير ببطء وتطال حالات مفضوحة، لم يعد بالإمكان السكوت عنها، إلا أنها مبادرة حميدة، استلزمتها ظروف بلدنا بإلحاح،وعملها يتصاعد كماً ونوعاً، طالما طالت سارقي ستة ملايين دولار،والعقبى المبشرة في أن تطال سارقي العشرة والعشرات.. ولكن..

يحكى أن الرئيس الراحل عبد الناصر، شكل  لجنة لمحاسبة الفاسدين، فاقترح أحدهم عليه، أن يضمه إليها، أملاً منه في أن ينجو منها. ضحك الرئيس وقال:

ـ عندئذ سنحتاج إلى لجنة تحاسب هذه اللجنة.

العبرة بالنتائج وفهمكم كفاية…