الفساد يتحول إلى «تشبيح».. ويمزق العائلة الواحدة
تطور الفساد في بلدنا إلى ثقافة عامة مجتمعية، مستفيداً من استيلاد البنية الأخلاقية التي تحرر مرتكبه من تأنيب الضمير، مع غياب القوانين الرادعة..
وبكل أسف، كاد الفساد يصبح من نسيج الحياة الاجتماعية الطبيعية، وبات الناس يتداولون أسماء نجوم الفساد (من دون إدانتهم) أكثر من نجوم السينما العالمية.
ولم يقتصر الفساد على سرقة الأموال العامة والتحايل على القوانين والتعطيل الإداري، وبالتالي وضعَ البلد ومصالح الدولة والمواطنين في رسم التحديات، بل انتشرت مخالبه لتطال بنية المجتمع حيث تنخر لتمزيق وحدته وضرب بنية العلاقات الاجتماعية، حتى وصل تلوثه إلى تلك العلاقات الريفية البسيطة التي تغنى بها الفن الشعبي والشعراء والفنانون والذاكرة الجمعية..
ما يؤكد ما ذهبنا إليه، وذلك على سبيل المثال لا الحصر، رسالة من المواطن (أحمد علي معلا) من طرطوس/ دريكيش/ قرية بقعو، وصلت إلى مكتب قاسيون يشرح فيها كيف تعرض لمحاولة الشروع بالقتل بتاريخ 2682009 من مجموعة من قريته، قاموا بتكسير سيارته بعد أن انهالوا عليه بالضرب وقلبوها خارج الطريق. ويشرح المواطن المذكور في رسالته كيف تعاملت النيابة العامة مع الحادث رغم الشكوى المقدمة (الشروع بالقتل، ويؤكد ذلك تقرير الشرطة)، وتقصيرها في إعطائه حقه ومحاكمة المرتكبين. ويؤكد المواطن أحمد في رسالته أن ما حصل كان نتيجة لقرار سابق صدر عن محافظ طرطوس السابق بالتدخل في شؤون العائلة مما أدى إلى شقاق وصراع داخل هذه العائلة، وترك وسيترك آثاره السلبية لأجيال متتالية.
ويرى المواطن أحمد أنه من المستغرب في الأمر أن الأشخاص الذين قاموا بالاعتداء عليه وتحطيم سيارته ليسوا شباباً في مقتبل العمر أو (صيّع)، بل أشخاص في كامل قواهم العقلية وفي موقع المسؤولية، منهم رئيس البلدية الذي ما زال قائماً على رأس عمله، ومدير مدرسة متقاعد، والمحرض والحامي لهم شخصان محام، وقاض من العائلة نفسها، متهم بالفساد واستغلال منصبه.
ويضيف أحمد أن سلم الحديد الذي استخدم في الاعتداء تعود ملكيته للبلدية في قرية (بقعو). ويتساءل في نهاية الرسالة، «هل من كان يفترض بهم حماية المواطن بالقانون يستخدمون البلطجة لإرهاب المواطنين؟ هل نحن في شيكاغو أم في بلد نعتز بأمنه واستقراره»؟