سمير إسحق سمير إسحق

حريق «بصرصر» بفعل فاعل!

تتربّع في ريف طرطوس وفوق نهر الوادي، غابة من أروع غابات منطقة الكفارين- بصرصر، متداخلة مع الأراضي الزراعية، لترسم لوحة من أجمل اللوحات التي تعبّر عن ارتباط الإنسان بالأرض، واحترامه لنظامها البيئي، ليتمّ التآلف بين أغصان السنديان والبلّوط والزيتون والجوز، ولتُلجِئ تحت ظلالها الكثير من الحيوانات البرية كالسلاحف والأرانب وبنات آوى، وطيور كالحجل والبلبل والشحرور.. لكن كل هذا الجمال لم يمنع تعرّض الغابة لحريق هائل أمام مرأى حرّاس الأحراش والغابات، المؤتمنين على أمنها والحفاظ على جمالها وسلامتها بوصفها ثروة وطنية لا تعوّض. والسبب هو وجود إحدى (المشاحر) المنتشرة بكثرة والتي لم تُطفَأ جيّداً، فنشب الحريق، ليترك الحرّاس النيران تلتهم بشراسة بالغة /50/ دونماً من الغابة والأراضي الزراعية فقط! حيث استفاق أهالي القرية والقرى المجاورة بعد الساعة الواحدة ليلاً، واحتشد من كان ساهراً على قرع أجراس الكنائس، وهي تناشد الناس المساهمة بإطفاء نار الأتون لحماية أراضيهم وغاباتهم، وبعد /5/ ساعات وصل الإطفاء ليساهم بهذه العملية التي تبدو وكأنها غريبة عنه، وخمد الحريق حوالي الساعة السادسة صباحاً، بعد أن التهم معه آمال كبيرة عقدت على مواسم الزيتون.

أليس من الظلم والاستهتار أن تذهب هذه الغابة مع ما يجاورها من أراض زراعية ضحية لمجموعة من ضعاف النفوس؟. لا يمكن وصف سخط واستياء الأهالي من المشاحر الموزّعة هنا وهناك، ومن تكرار الحالة نفسها على الدوام، فبين الحين والآخر يندلع حريق يقضي على مساحات واسعة من أرضنا الخضراء المعطاء، ليتكبّد المواطن والبيئة خسائر فادحة لا تثمّن، والإطفاء آخر من يصل - وفي الوقت المستقطَع-، وكل ذلك تحت إشراف من يسمّون بحرّاس الأحراش الذين بات اسمهم عند العامّة (حرّاس المشاحر).