الفساد يحدث هزات أرضية في «رصيف» الغاب
لا يعود السبب بحدوث الهزات التي تزلزل الأرض تحت الأبنية المحاذية للشوارع الرئيسية في منطقة الغاب إلى النشاط البركاني الذي يغلي بقلوب الأهالي المتوجسين من سقوط أسقف وجدران المنازل على رؤوسهم بأية لحظة، وكذلك ليس سببها الحركات التكتونية، ولا إلى كون منطقة الغاب حفرة انهدامية غطتها الترسبات والترب اللحقية المصاحبة لفيضان نهر العاصي قبل إعدامه بقرار رسمي.. تلك الترسبات المتراكمة عبر آلاف السنين، والتي كانت سبباً في تميزها كأخصب الترب العالمية الصالحة للزراعة فقط!! بل إن السبب الحقيقي لهذه الهزات يكمن بالتراكم التاريخي للأخطاء الكبيرة بسبب العشوائية وانعدام التخطيط والفساد الإداري وقلة العناية بهذه المنطقة التي يسكنها عشرات الآلاف من السكان، ما نتج عنها اهتزاز البيوت فيها لمجرد مرور الشاحنات الضخمة بجوارها (أربعين متراً قريباً منها)..
فمع التوسع في إنجاز المشاريع الزراعية في الغاب، تدفق الفلاحون والمزارعون إلى المنطقة بالآلاف، وتجمعوا حول الأراضي الزراعية مشكلين قرى عشوائية على جانبي الطرقات الرئيسية، ولم تسارع الجهات المعنية للبحث في ضبط هذه العشوائيات بعيد نشوئها، مما أدى إلى تحولها إلى أمر واقع، وغدت بحاجة إلى الخدمات ومنها الصرف الصحي، الذي راح ينفذ كيفما اتفق (حفر وطمر)، فكان سبباً أساسياً في خلخلة الطرق في هذه المنطقة التي كانت مرصوفة بحجارة أقطارها تتعدى نصف المتر، تليها حجارة بأحجام أقل حتى الوصول إلى طبقة الزيرو وبعدها الإسفلت، فجاءت مشاريع الصرف الصحي وخربت بنية هذه الطرقات، وتمت الاستعاضة عن حجارة الرصف بالتربة ومخلفات الحفريات المردومة على عجل لإخفاء عيوب التنفيذ..
ونتيجة لهذه الأعمال الخدمية السيئة التنفيذ من جهة، وطبيعة الأرض الرخوة من جهة أخرى، صارت أبنية هذه التجمعات السكنية، ومنها قرية الرصيف على وجه الخصوص، تتراقص وتهتز، وأخذت تتمايل وتعصف فيها الريح عند مرور كل شاحنة يزيد وزنها على ألفي كغ..
وبما أن الحال التي وصل إليها المزارعون ساكنو هذه المنطقة أصبحت تتسم بالتدهور والتردي وتراجع الدخل المعتمد على الزراعة، حيث كانت الإجراءات الحكومية سبباً بإفقار كل العاملين في القطاع الزراعي عندما تبنت النهج الليبرالي، فمضت في رفع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، وتقاعست في تأمين مياه الري لأكثر من تسع سنوات خلت.. لذلك كله، لم يعد أبناء الغاب قادرين على تأمين لقمة العيش، وبالتالي فهم بالتأكيد عاجزون عن إصلاح ما لحق بهذه المنازل من تشقق وانخفاسات..
أمام هذا الواقع، يطالب الناس في هذه البقعة الغنية المهملة أصحاب الشأن والقرار، وتحديداً المعنيين في محافظة حماة وعلى رأسهم السيد المحافظ، مساعدة الناس في ترميم منازلهم، وتحويل طريق عبور الشاحنات، وبخاصة الآليات الثقيلة، بعيداً عن وسط قرية الرصيف، علماً بأنه توجد طريقان على طرفي القرية وهما بحالة جيدة إحداهما معبدة وهي أكثر متانة وصلاحية من الطريق التي تشق القرية متسببة بزعزعة منازلها.. ولأن الأمر لا يحتاج لأكثر من توجيه بذلك مع ترميم مائة متر تصل الشارع الرئيسي بآخر يقع على طرفها، فإن تحقيق هذا المطلب سهل وبسيط، ويؤدي خدمة جليلة لأهالي هذه القرية، ويبعد شر الخراب عن بيوتهم.