يوسف البني يوسف البني

لمصلحة من التستر على ما يجري في مديرية الموارد المائية بدرعا؟

نشرت «قاسيون» في عددين سابقين إشارات واضحة ومقنعة بوجود فساد أو تواطؤ في مديرية الموارد المائية بدرعا، مع الجهة المنفذة لمشروع تأهيل وترميم سد باسل الأسد (سحم الجولان سابقاً)، وإلى الآن لم تر النور أية إجراءات لفتح ملفات التفتيش أو التحقيق بالموضوع المطروح، فمن هي الجهة التي لها مصلحة بحماية أو التستر على القائمين على نهب أو هدر المال العام؟ الأمر الذي يلحق الضرر بالاقتصاد الوطني، ويطال البلاد والعباد؟!!

للتأكيد على ما طُرح في عددين سابقين من «قاسيون»، والإشارات الواضحة لوجود فساد أو تواطؤ من نوع ما، والتي نؤكد على ثبوتها بالوثائق في عددنا رقم 419 تحت عنوان: «تزوير كشوفات ونهب للمال العام ملايين الليرات السورية تذهب للمتعهدين من دون التأكد من صحة الكشوفات»، ثم تعقيب المحرر على رد مديرية الموارد المائية بدرعا في العدد رقم 421، وحيث أنه من واجبنا متابعة القضايا التي نطرحها، ورد لـ«قاسيون» معطيات جديدة تساعد في الوصول إلى الحقيقة، والحفاظ على المال العام الذي يخص كل فرد منا، وهذه المعطيات تضعنا أمام تساؤلات مشروعة: فلمصلحة من يتم حساب حجم الحفر للهدار (المفيض القديم) بطول 80 م، حسب المذكرة الحسابية للجنة الفنية التي وردت إلى مديرية الموارد المائية بدرعا بتاريخ 19/7/2009 برقم 7459/و، وقد ورد هذا البند في المذكرة خطأً تحت عنوان مساحة الحفر للهدار، وحُسبت على الشكل التالي:

1.88× (462.5 - 460) × 80 = 75.2 م3، والناتج الحقيقي يجب أن يكون 376 م3 فإذا علمنا أن هذا الحجم هو عبارة عن جزء من حفريات المفيض القديم وتُحسَم من مجموع الحفريات، وإذا علمنا أن الفرق هو:

376 – 75.2 = 300.8 م3، وأن سعر المتر المكعب الواحد تبلغ 1038 ل.س بعد الأخذ بعين الاعتبار زيادة الأسعار حسب الاتفاق بمعدل 38.44%، فنجد أن المبلغ المدفوع للمتعهد دون وجه حق على هذه الفقرة فقط هو 312320 ل.س إذا فرضنا أن باقي القياسات والحجوم والمبالغ صحيحة، وإذا جاء هذا كخطأ في الحساب فإننا نطالب باسترداد المبلغ المذكور وتوظيفه في مكانه الصحيح.

صرف أجور إملاء بيتون غير مستحقة

كيف يتم صرف بند إملاء بيتون تحت تكسية قناة المفيض؟ إذا علمنا أن الشروط الفنية والمواصفات للمشروع تنص على أنه «يجب أن تنفذ الحفريات حسب المنسوب المطلوب دون زيادة، وفي حالة زيادة العمق عن المنسوب اللازم يُمنع المتعهد من إعادة ردم القسم الزائد، وإنما يقع على مسؤوليته إصلاح الخطأ، وذلك بإملاء القسم الزائد بالبيتون العادي عيار 200كغ/م3 حسب تعليمات مهندس الإشراف، ويتحمل المتعهد نفقة هذه الأعمال مهما بلغت»، علماً أنه لا يجوز لأي كان التلاعب بالشروط والمواصفات المنصوص عليها بعد تصديق العقد.

 

تساؤلات قديمة جديدة

إن المنطقة المذكورة في العقد ودفتر الشروط  كانت مغمورة بالمياه وتم تقدير الأعمال فيها حسب المخططات التصميمية للسد هي الآن في حالة جفاف لذلك نؤكد على ضرورة الإسراع في تنفيذ السبور لحفريات السنة الأمامية، قبل حلول موسم الأمطار وغمر تلك المنطقة بالمياه من جديد، فهل تم أخذ تلك السبور لتثبيت الأرقام والحجوم الصحيحة للأعمال المنفذة، وذلك ضماناً لصاحب الحق بصرف النظر إن كان المتعهد أو الجهة العامة صاحبة المشروع.

كما نؤكد على ضرورة توخي الدقة في صرف الكميات المنفذة، ونتساءل: لقد تم بموجب الكشف رقم 11 صرف 4875 م3 حفريات صخرية في الجزء الواقع بعد الجسر بطول 165 متراً، علماً أنه ورد في محضر اللجنة الفنية الفقرة رقم 10أ: «بسبب تنفيذ الإكساء الجانبي لا توجد أية معطيات على الواقع للاستدلال بها على نوعية الحفريات صخرية أم ترابية» فكيف صرفت الحفريات على أنها صخرية، وذات التكلفة الأعلى؟!!

هل ستنتقل العدوى إلى سد غدير البستان؟!

طُرح مشروع ترميم وإعادة تأهيل سد غدير البستان لتقديم العروض، وقد وردتنا معلومات أن المتعهد الثانوي من القطاع الخاص الذي سيقوم بتنفيذ هذه الأعمال، قد قدم عرضاً بكسر السعر المنطقي المطروح والمتعارف عليه بحوالي 57%، وهذا العرض له دلالاته ويثير الكثير من التساؤلات!! فهل ستنفذ أعمال الردميات الغضارية من حيث الكمية والنوعية حسب الشروط والمواصفات الفنية للمشروع؟! أم أن للمتعهد طريقة أخرى لتعويض الكسر؟!! إننا نضع جميع المعنيين أمام مسؤولياتهم للإشراف على التنفيذ بالشكل الصحيح!!

 

بقاء عدد من العاملين وترقيتهم رغم مذكرات الإبعاد

وردت إلى «قاسيون» وثائق تؤكد أن عدداً من العاملين في مديرية الموارد المائية بدرعا يشغلون مناصب رؤساء أقسام ودوائر وشُعَب، على الرغم من موافقات رسمية على إنهاء تكليفهم المقتَرَح من جهات رقابية وإدارية عليا، بعد فرض الكثير من العقوبات المادية بحقهم. مثل قرار المدير العام للموارد المائية رقم 999 تاريخ 11/7/2007، والقرار رقم 248 تاريخ 15/2/2007، والإنذار المسجل رقم 922/ص تاريخ 22/3/2007، والإنذار المسجل رقم 14/ص.س تاريخ 13/2/2005، وموافقة المدير العام على مقترحات مُعدّ تقرير دائرة الرقابة الداخلية الذي ورد إلى الديوان العام للهيئة العامة للموارد المائية برقم 177/ت.هـ تاريخ 12/6/2007، طالباً تنفيذ المقترحات التي تعفي بعض العاملين من مهامهم وإعلامه بذلك، وموافقة وزير الري على مقترحات مدير الرقابة الداخلية بتقريره رقم 25/و.س تاريخ 25/1/2004 الذي يعفي بعض الموظفين من مهامهم، وكتاب المدير العام للموارد المائية رقم 67/ص.س.هـ تاريخ 9/5/2006، القاضي بإنهاء تكليف بعض العاملين في شعبة الرخص والآبار والحفارات وتكليفهم بأعمال لا علاقة لها بهذه الشعبة، إلا أن بعض العاملين المعنيين بهذه المذكرات والقرارات مازالوا على رأس عملهم حتى الآن، بل ويتسلقون درجات المناصب والمسؤوليات، فهل السيد الوزير والسيد المدير العام بصورة هذه التجاوزات؟!!

 

بانتظار الإجراءات وفتح ملفات المحاسبة

لماذا لم تقم أية جهة وصائية حتى الآن بالتحقيق في الملف المذكور، سواء من وزير الري أو المدير العام للموارد المائية أو محافظ درعا والجهات الرقابية المعنية الأخرى؟! فإن المستفيد الوحيد من التستر أو التأخير هو الفساد وليس الوطن، ولكن كلنا أمل أن في هذا الوطن شرفاءَ كثر يهمهم استبيان الحقيقة، وإحصاء نواتج النهب أو الهدر، ومعرفة المستفيدين منها والمتسترين عليها ومحاسبتهم، وذلك صوناً لكرامة الوطن والمواطن، التي هي فوق كل اعتبار.