تراجيديا الفساد في «تلدرة»
عرض التلفزيون السوري مؤخراً مسلسل «قرن الماعز» الذي روت قصته الفنانة سمر سامي رابطة الماضي بالحاضر من خلال العودة إلى تفاصيل افتراضية في حقبة مرت على سورية إبان المرحلة الإقطاعية.
نحن في بلدتنا «تلدرة» التابعة لمنطقة السلمية في محافظة حماه، أمام مسلسل حقيقي وليس متخيلاً.. حيث «الآغا» التاريخي رمز البطش والضرب في المسلسل المذكور، تحول إلى رئيس بلدية، وبدل المختار مختارين، وبدل وكيل الآغا شرطي البلدية، والتجار الذين ينهبون محاصيل الفلاحين تحولوا إلى متعهدي طرق ومياه ومجارير وغيرها.
الفساد في بلدتنا حوّل شوارعها إلى جحيم قاتل حيث «الريغارات» أمست أفخاخاً لاصطياد الدراجات النارية والطريزينات!!
أما السمان «المرابي التقليدي» فهو الآن موجود بطريقة أو بأخرى، حيث اللحام استعمل مظلة الانتظار لتكون مشجباً ومربطاً لذبائحه، وأمام الصادي والغادي يتم ذبح الخرفان دون حسيب أو رقيب، فما على شرطي البلدية سوى المرور لأخذ مايسمى (؟)، والتسعيرة حسب عدد الذبائح ناهيك عن أنه لاطبيب بيطري يشرف على الذبح ولامكان مخصص لهذا الغرض خارج القرية. . .
أما الطرقات التي لزمت إلى متعهد، فإلى الآن لم يتم استلامها من دائرة الخدمات الفنية التي امتنعت حسب قول أحد أعضاء اللجنة عن الاستلام، وبالفعل، وبعد مرور أقل من ثلاث سنوات على إنشائها بدأت هذه الطرقات بالهبوط، وغرف التفتيش (الريغارات) ظهرت إلى السطح، والمطبات القاتلة أصبحت أكثر حدة، والينابيع المتفجرة انبجست من تحت الإسفلت (من مواسير المياه).
من زاوية أخرى، فقد تفجرت في الآونة الأخيرة مشكلة من نوع جديد، فمحلات البلياردو والألعاب الإلكترونية غير المرخص لها والتي انتشرت بكثرة باتت تؤرق الأهلين، وهذه المحلات تفتح (لوجه الصبح،) وتتحول ليلاً إلى صالات مكتظة تعرض أفلام إباحية وعنف، وغالباً مايرتادها أحداث ومراهقون ينسلون ليلاً من منازلهم سارقين آباءهم لدفع فاتورة المشاهدة!! أما في الشتاء فتتحول تلدرة إلى مدينة سياحية مثل مدينة البندقية حيث تصبح برمتها عبارة عن بحيرة!!
أما المطريات فكلها مغلقة، حيث لزمت بدورها إلى متعهد، كل واحدة بـ 100 ل.س، وعمال البلدية يتسكعون هنا وهناك لشرب الشاي أمام البيوت والمحلات! بينما رئيس البلدية جالس في مكتبه غير عابئ بالأوساخ والأتربة أمام المحلات، وما إن تتكلم معه حتى يقول (شو مافي غيرك عندي) وأنت لست (مرخصاً) فلا يحق لك الكلام.
إنه لايريد مغادرة برجه العاجي حيث التلفزيون والمدفأة و(طق الحنك) مع . . . . وحتى لو شكوت له على شخص ألحق ضرراً بك فسرعان ما يخبر المشتكى عليه على مبدأ (فسد تسد)! أما فني البلدية فقد تحول إلى معقب معاملات وسمسار أراضٍ، يعرقل كل المعاملات أثناء الدوام، أو لايتواجد ويمشيها بعد الدوام!!
مبنى البلدية أصبح مثل فزاعة لايدخله إلا من يكون بأمس الحاجة، خوفا ًمن تهديد هنا أو وعيد هناك..
المحلات غير مرخصة لاصناعياً ولاإدارياً، والجميع يتهربون من دفع ما في ذممهم للدولة، حتى باتت معظم المحلات لمعلمي مدارس أو لموظفي دولة الذين يزدادون ثراء بينما العاطلون عن العمل يزدادون فقراً وتعتيراً، فلا فرصة عمل لهؤلاء بعد أن أخذ الموظفون يأكلون فرصتهم وفرص غيرهم وينافسون أصحاب المحلات المرخصة صناعياً وبأسعار زهيدة، ولو دفعوا ثمن التراخيص والضرائب لما استطاعوا المنافسة، أو كانت المنافسة شريفة وقانونية على الأقل، وكذلك لو دفعوا ماعليهم لخزينة الدولة لما وجدت شارعاً في القرية من دون تخديم. . وقانونياً هم ممنوع عليهم مزاولة عملهم هذا ومؤخراً راح موظفو البحوث يعملون بعد دوامهم فتصور!!. .
إن الضرائب والرسوم والتراخيص تعود حتماً لخزينة الدولة ومن الخزينة تعطى رواتب الموظفين والعسكريين وتشتري الدولة السلاح لمحاربة العدو ومن يتهرب أو يهرب من هذا الواجب الوطني، كأنه يغرز سهماً في قلب الوطن ويدعم العدو الخارجي. .
كل هذه الشكاوى برسم المسؤولين،
فهل من مجيب؟؟