دردشات محافظ لاوالي عثماني
باندهاش، وتعجب قرأت للمرة الثانية مقال: (من أجل خاطر ولده محافظ طرطوس يلغي مدير ثانوية من منصبه) المنشور في قاسيون نقلا ًعن صحيفة تشرين.
إن مبعث دهشتي يعود إلى أن محافظ طرطوس، لا أنه غض النظر عن تصرفات ابنه الرعناء الذي يستهزئ بالمعلمين والمعلمات، ويستهتر بنظام المدرسة، ويستخدم المفرقعات في الصف، ويخلع ويكسر الأبواب ويهرب من الحصص التي لاتعجبه، ويخلق الفوضى في المدرسة و. . . و. . . التي راجعه بشأنها مدير ثانوية المتفوقين، الأستاذ مجد الدين حمود، أربع مرات دون جدوى، بل شجع ابنه على الانغماس في رعونته أكثر ايضاً، وذلك بتنفيذ وعيده بتطيير المدير، عندما أوعز لمدير التربية بإنهاء تكليف المدير المذكور عن إدارة الثانوية، دون سبب يذكر، ودون أي اهتمام لنتائج عمله، على سوية وتربية وتنشئة ولده في المستقبل.
كأني بهذا الابن المدلل للمحافظ، اصبح مثل ابن ذلك الملك الذي سأل جلساءه مرة:
- من تعتقدون هو أقوى شخص في المملكة؟ أجابوه:
- جلالتكم. قال:
- كلا بل هو ابني. سألوه:
- كيف؟ قال لهم:
- أنا أحكم المملكة وزوجتي تحكمني وهو يحكم والدته.
لذا أصبح حقاً مشروعاً له أن ينطلق ابن محافظ طرطوس من المفهوم الذي ترسخ في ذهنه: (طالما أن ابن المحافظ الآمر الناهي في هذه المحافظة، فلي كل الحق، أن أتصرف على هواي، دون رادع من أحد، مادام والدي يدعم وينفذ رغباتي مهما كانت.
يبدو أن بعض المحافظين، قد ورثوا عادات وتقاليد الولاة العثمانيين الذين كانوا يحملون معهم صندوقاً فارغاً إلى الولاية التي تناط بهم إدارتها ويتحكمون بها وبشعبها كدولة خاصة بهم، يسرحون ويمرحون على هواهم ليملأوا الصندوق دون حسيب أو رقيب، مادام الباب العالي في الآستانة راضيا ًعنهم.
لذا ليس غريباً من محافظ طرطوس، أن يأمر شرطته ـ في الصيف الماضي ـ بالاعتداء بالضرب واعتقال عدد من الشباب والشابات المعتصمين استنكاراً للهجمة الأمريكية الصهيونية التأمرية على بلدنا الحبيب.
وهذا المنحى من المحافظ، يكاد يؤكد الاقاويل التي راجت عنه، عندما كان محافظاًُ في الحسكة، بأنه هو الذي أمر الشرطة بإطلاق النار على المحتشدين أمام ملعب قامشلي البلدي، ليسألوا ملهوفين عن مصير أولادهم، بعد سماعهم الخبر الكاذب من إذاعة دمشق، بأن ثلاثة أولاد قد لقوا حتفهم، وعلى الأثر جرت أحداث دامية ذهب ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين، وملايين بل مليارات الليرات السورية من الخسائر المادية في الممتلكات. وحتى الآن ورغم مرور أكثر من سنتين على تلك الأحداث الدامية، لم تظهر نتائج التحقيق الذي طالبت به جماهير الجزيرة شيئاً عن مسؤولية الجهة المسببة لتلك الفتنة الأليمة.
ماهكذا يا سعد تورد الإبل، فالمحافظ يجب أن يكون راعياً صالحاً لرعيته، بسهر على تطبيق القوانين، وحاكماً عادلاً ومثالاً للنزاهة والاستقامة، وحريصاً على مصالح شعب محافظته، لا أن يكون والياً عثمانياً قلباً وقالباً.
وإلا فحبل الأحداث الخارقة للقوانين على الجرار، ومن شأنه أن يفاجئنا بالعجائب، في المحافظات التي يقودها ولاة عثمانيون إذ لم يجر وضع حد لتصرفاتهم الكيفية.