مسابقة أطول علم وطني
تستمر لعبة المزاودة وليست المزايدة لدخول مجموعة (غينيس) وتسجيل أكبر رقم في المجال المتنافَس عليه، مثل صاحب أكبر كرش في العالم، أو صاحبة أطول ضفيرة شعر، ولا تختلف هذه المسابقات من حيث المبدأ أو حتى مسابقة أكبر «صحن تبولة أو منسف لحمة، أو أكبر قرص شنكليش أو كبة» عن مسابقة أطول علم وأكبر صورة، لكن يبدو أن من كانوا يتنافسون في هذا الملعب «المسابقات» خلال العقود الماضية قد نسوا أو تناسوا أن العلم الوطني وألوانه أشرف وأنبل من أن يُقحَم في البازار السياسي الرخيص، بهذا الشكل الصبياني الارتجالي، من بعض المزاودين،
فالوطنية لا تقاس بطول العلم وقصره وكبره على مبدأ «استكبرها ولو كانت مرة»، وإنما يقاس بالالتزام والمسؤولية نحو هذا العلم الوطني ونحو الوطن، فهناك من يقول بأنه تم صرف الملايين على هذه الأعلام حتى الآن، ولكن من جهة أخرى يطالبون المواطن السوري بالتبرع لدعم الليرة السورية «شحادة»، في حين تتبادر إلى ذهن المواطن أسئلة مشروعة مثل: «لماذا لا يتم تحويل هذه الملايين لدعم الليرة؟»
تخيلوا هذا المواطن الطفران الذي تكالبت كل قوى الفساد لتنهش لحمه بعد أن أفرغت جيوبه، الآن مطلوب منه أن يدعم الليرة السورية حفاظاً على الاقتصاد الوطني من الانهيار، وقد يكون هناك مخطط جديد لسرقة الدعم الجديد حيث لم يبق في الخزينة ما يتسابقون إلى نهبه وسرقته!!
ما علينا، لنعُد إلى مسابقة (غينيس) لأطول علم، حيث يفكر أحد المندسين فيقول إن المشهد الإعلامي الرسمي بحاجة إلى هذه المهرجانات والبهرجة، لتصدير صورة براقة عن سورية بأنها سعيدة، والناس يرقصون ويغنون في الساحات والشوارع، وليس هناك أية مظاهرات تذكر في الشوارع، رغم اعتراف السلطة الصريح بوجودها وطلب الحوار معها، ومن جهة أخرى يحاول الإعلام الرسمي أن يغطي الفجوة الإعلامية الضخمة بين ما يقدمه الإعلام العربي والعالمي حول الأحداث الحاصلة في البلاد، وما يقزِّمه الإعلام الرسمي نفسه، ولكن أحد أهم أسباب ما وصلت إليه المؤسسة الإعلامية هو الفساد الذي يسيطر على كل مداخلها ومخارجها، فيقول أحدهم إن فريق التلفزيون مع الكاميرا والمراسل شوهدوا في كثير من الأماكن التي تحصل فيها الاحتجاجات، لكنهم لم يقوموا بتصوير التظاهرة، وإنما انتظروا لحين انتهائها، وثم تكتب المراسلة أو المراسل التقرير كالتالي: «شوهد بضع عشرات في المنطقة الفلانية، وما لبثوا أن انفضوا بسرعة» مراسلكم شاهد عيان من قلب الحدث.