مطبات: كهرباء.. بنسبة

.. ( وحمّلَ الوزير طالب الاشتراك في هذه الحالة مساهمة قدرها 70% من تكاليف توسيع الشبكة، فيما تتحمّل شركة الكهرباء 30% وهي النسبة المتبقية من التكاليف....وإذا كان مكان تركيب العداد يبعد أكثر من 800 م عن أقرب مركز تحويل قائم على مسار الشبكة، أقرَّ الوزير بأن يتحمّل طالب الاشتراك كامل تكاليف إنشاء مركز تحويل (خاص إفرادي أو خاص جماعي أو مشترك) مع شبكات التوتر المتوسط والمنخفض).

وزارة الكهرباء تفرض شروطاً على طالبي الطاقة في المناطق غير النظامية، هذا القرار الجديد للسيد وزير الكهرباء، يشكل اعترافاً ليس بالجديد للأحياء القاطنين في سورنا الفقير، والذين يشكلون نسبة تتجاوز النصف من مجموعنا السوري.

المخفي في قرار الوزارة هو دفع مستجرّي الطاقة بشكل عشوائي والمعتدين عليها منذ سنوات إلى مساعدة الوزارة في توسعة الشبكة بشكل نظامي، وهؤلاء لم تستطع الوزارة خلال هذه السنوات إيجاد حل لاستجرارهم الطاقة يتوافق مع كونهم موجودين بحكم الواقع، فقد صدرت جملة من القرارات عنها وعن وزارة الإدارة المحلية بعدم تخديم مناطق المخالفات بالماء والكهرباء باستثناء الصرف الصحي الذي صارت له ضريبة فيما بعد.

ولكن من يطالهم  القرار ويعنيهم يعرفون أن كل مراكز الكهرباء المنتشرة، وتحديداً في الريف، تدعي عدم وجود عدادات (ساعات)، وتناوبت مديريات الكهرباء على استبدال الموجود منها والمركب حسب صادراتها مرة من معامل الدفاع، ومرة بالعدادات الإيرانية، والآن يجري تركيب العداد الالكتروني. كذلك لا يعرفون شكل الكشافين الذين يسجلون ببدائية إن حضروا ما يسرفونه من كهرباء بسبب أجهزتهم الكهربائية الكثيرة، وأجهزة الإنارة ذات الاستطاعات العالية.

وهم أنفسهم، القاطنون في السوار المترهل، دفعوا ثم اعترضوا، ثم شرّحت لهم المؤسسة الفواتير، ثم تعرفوا هناك على الكشاف، وحلّفوه الأيمان الغليظة إن رأى عداداتهم، وكيف أن منزلاً يقطنه أكثر من عائلة يكتب الكشاف ملاحظته: المنزل مغلق.

أصاب الذهول  حارة بأكملها ذات يوم نحس عندما اصطف أهلها أمام مكتب دفع الفواتير، الفاتورة التي كانوا يدفعونها عن ظهر قلب، أم محمد وأبو طالب ويونس العازي يعرفون تماماً أن ما يمكن أن يدفعوه هو (فراطة) أقل من 500 ليرة، صرخت حينها أم محمد عشرين ألف!!؟ ابتسم المصطفون على الدور ضاحكين، يا أم محمد يمكن خطأ من الكمبيوتر، يمكن الفاتورة 200 ليرة، لكن الذهول استمر كل الفواتير كانت من 14-20 ألف ليرة.

حملت الحارة المذهولة كل ذهولها إلى مركز الكهرباء، قبلوا الأيادي، حلفوا بالله أن ما يملكونه براد بردى وغسالة عادية.. وكم لمبة، وتلفزيون سيرونكس، لكن الفاتورة أصدق من كل الأيمان والواقع، ادفع ثم اعترض، ثم نشّرح لكم الفاتورة على دفعات، بالمحصلة دفعوا ما يقارب نصف ما جاءت به الفاتورة.. تاريخ يشهد للمؤسسة سعة صدرها وصبرها على الناس، وهاهي تكرمهم من جديد.

نعود إلى قرار الوزارة والذي يعني من هم خارج الشبكة النظامية أو المعتدى عليها، الذين تنور بيوتهم، وتحمر مدافئ الكهرباء في شتائهم، والذين يساهمون في انخفاض التيار، وأعطال الشبكة، والانقطاعات المفاجئة، والحوادث القاتلة دون أن يحاسبهم أحد، هؤلاء يقولون إنهم على استعداد للاشتراك النظامي، لكن مؤسسة الكهرباء لا تريد، مرة لأنه لا توجد لديها عدادات، ومرة لأنهم يعيشون في مناطق المخالفات.. القرار الجديد يقصي السبب الثاني، ولكن هل يأتي بالعدادات.

السؤال الذي يطرحه القرار الجديد: هل يستطيع سكان العشوائيات دفع النسبة التي يتوجب عليهم المساهمة بها ليكون لديهم كهرباء مثل بقية السوريين؟ وهل وصل العجز بالوزارة إلى درجة أنها لا تستطيع المساهمة بأكثر من 30 % من التكاليف، وهي صاحبة الشبكة الرديئة التي تنوء تحت وطأة نسمة هواء، وتعزف في الشتاء البارد أنشودة العتمة في بيوتنا؟؟.

هل يستطيع جباتها أن يدخلوا الأماكن المغلقة.. التي لا فواتير لها.