الطاقة من النفط والهليوم
إذا كان النفط قد أضاء ليالينا مئة وخمسين عاماً فهل سيضيئها القمر المائة والخمسين سنة القادمة.
النفط كغيره من الطاقات غير المتجددة يفرض على البشرية تطوير تقنيات تتناسب مع حضارة مختلفة، فإذا كانت حضارة النفط قد أفرزت ثقافة النفط ونمط حياة النفط فما هي حضارة الهليوم وثقافة الهليوم؟ هل ستصبح وسائل النقل أكثر سرعة أصغر حجماً أقل أماناً.
أم أقل ارتباطاً بالجاذبية الأرضية فالنفط الثقيل الأسود النابع من باطن الأرض يختلف حتماً عن الهليوم الخفيف الشفاف الغاز المستخرج من سطح القمر.
ومن المتوقع أن ينتقل الصراع على النفط الذي يجري حالياً إلى القمر ويتحول إلى صراع على الهليوم في غضون السنوات العشرين أو الثلاثين القادمة أو ريثما يبدأ الهليوم بالنفاذ كما يجري الآن.
حيث يرى رئيس مؤسسة (إينيرجيا) للصواريخ الفضائية الروسية نيقولاي سيفاستيانوف أن رواد الفضاء الروس يستطيعون الهبوط على سطح القمر بحلول عام 2012.
يقول:(نستطيع الهبوط على سطح القمر باستخدام تكنولوجيا سفن الفضاء كسفينة (سويوز)، في حال تبني برنامج فضائي فيدرالي في حدود ملياري دولار). وتتطلب هذه المهمة ثلاث بعثات، تتركز الأولى على التحليق حول القمر، والثانية تتمثل في الوصول إلى المدار حول القمر مع إنزال جهاز خاص بشكل آلي، وأخيراً هبوط رائد الفضاء على سطح القمر.
ويمكن بحلول عام 2020 القيام برحلات منتظمة إلى القمر لجلب الثروات الطبيعية التي تستخرج من باطنه.
وفي حديثه حول الاستثمار الواقعي للقمر وكوكب المريخ قال رئيس مؤسسة (إينيرجيا): (نحن ملزمون بتحقيق ذلك في أثناء حياة جيلنا الحالي، وخاصة بسبب محدودية مصادر الطاقة على الأرض. وسنكون بهذا الشكل أو ذاك مضطرين إلى التحرك خارج حدود كوكبنا للبحث عن مصادر جديدة ونظيفة للطاقة، وبضمن ذلك هليوم ـ 3 الموجود على القمر لاستخدامه في المفاعلات النووية الحرارية. ومن المعروف أن احتياطات هليوم ـ 3 على الأرض قليلة إلى الحد الذي يجعل الحديث عن استخدامها صناعياً أمراً مستحيلاً. وتشير تقديرات العلماء إلى وجود ما لا يقل عن مليون طن من هليوم ـ 3 على سطح القمر. وتؤمن هذه الكمية الطاقة للأرض لمدة تتجاوز 1000 عام).
كما أعلن علماء أمريكيون أن القمر غني بموارد مفيدة يمكن الاستفادة منها لدعم إقامة مستوطنات على سطحه وتحسين أوجه الحياة على كوكب الأرض.
وقال رئيس معهد أبحاث القمر، الآن بيندر، "كل ما نحتاجه لتطوير مجمع صناعي على القمر موجود هناك.. فهناك توجد موارد هائلة" منها الأوكسجين الذي يمكن استخلاص هواء منه لتنفس رواد الفضاء وصناعة وقود للمركبات الفضائية والمكون من الأكسجين المسال والهيدروجين، بجانب السيليكون لتوليد الطاقة الشمسية.
وعدد بيندر العديد من الثروات المعدنية على سطح القمر التي يمكن الاستفادة منها الحديد والألومنيوم والتيتانيوم فضلاً عن المغنيسيوم.
وأضاف بإمكانية إذابة تربة القمر وصبها في قوالب لإستخدامها كمواد البناء.
وكان العلماء قد أشاروا إلى إمكانية استخلاص المياه من صخور القمر وذلك عبر تسخينها مما يؤدي لتفاعل الهيدروجين فيها مع الأوكسجين.
وقال رئيس معهد تقنية الإلتحام بجامعة ويسكونسين، جيرالد كولسينكسي، إن دمج الكربون والنيتروجين المتواجدين على القمر مع مواد أخرى قد يتيح من عملية زرع محاصيل زراعية على سطحه. وقام ويسكونسين في معرض تعليقه على ما قد يقدمه القمر إلى البشرية بالإشارة إلى استخدام "هليوم-3" المتوفر في القمر، في مفاعل الصهر المستقبلية لتوليد الطاقة لتفادي إنتاج مخلفات نووية. حيث من الممكن استخدام تقنية صهر "هليوم-3" لتزويد المركبات الفضائية بالطاقة للإستكشاف الفضاء السحيق مستقبلاً.
ويبدو أن البشرية لم تصل حتى الآن إلى القناعة بجدوى البحث عن الطاقات المتجددة، ولن نتركها إلا خراباً بعد أن نأكل الأزرق واليابس كما قال زياد رحباني.
■ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.