الحسكة..المرضى بلا أدوية.. والذرائع مردود عليها

الحسكة..المرضى بلا أدوية.. والذرائع مردود عليها

نقص الدواء في محافظة الحسكة، مشكلة ليست بجديدة، فمعاناة الأهالي من واقع نقص الدواء أصبح عمرها يتجاوز العامين حتى الآن، ولكن المشكلة تفاقمت لحدود الانقطاع شبه التام للدواء في المدينة منذ نيسان الماضي.

المقلق بالنسبة للأهالي هو اختفاء الأدوية الأساسية، وخاصة تلك التي تخص الحالات المرضية المزمنة، مثل أمراض السكري والقلب والضغط وغيرها، حيث فقدانها يعني إمكانية تعرض هؤلاء المرضى لحالات ارتكاسية سيئة قد تودي بحياتهم.

المستوصفات

 والمراكز الصحية عاجزة

النقص الدوائي لم يقتصر على الصيدليات والمستودعات الخاصة، بل تجاوزها إلى المستوصفات والمراكز الصحية العامة، بالإضافة إلى المراكز الصحية التابعة للمنظمات الدولية، مثل الهلال الأحمر، بظل استمرار عدم توريد الأدوية إلى المحافظة بشكل رسمي، الأمر الذي جعل من معاناة الأهالي في تزايد يوماً بعد آخر، على الرغم من بعض الوعود الرسمية التي قُطعت حول تأمين الدواء للمدينة، ولكن دون جدوى على المستوى التنفيذي حتى الآن.

ذرائع غير مقنعة

الحجج والذرائع، التي تقدم للأهالي عن واقع فقدان الأدوية وانعدامها، تتمثل بالواقع الأمني وقطع الطرقات والحصار، وغيرها من الأسباب والمبررات المرتبطة بالأزمة والحرب، والتي يتم تسويقها عبر الجهات الرسمية سواء كانت سلطات «الإدارة الذاتية» أو الجهات ذات العلاقة بدمشق، وبالمقابل يستغرب هؤلاء الأهالي كيف يمكن للبضائع الأخرى أن تدخل وتخرج من المدينة ولو بكميات محدودة، وليس بالإمكان إدخال الأدوية والمواد الطبية ومستلزماتها؟ علماً أن بضعة شحنات قد تفي بغرض تأمين حاجة المدينة من الأدوية بين الحين والآخر، باعتبار أن الدواء، رغم أهميته، إلا أنه ليس حاجة يجب تأمينها يومياً بكميات كبيرة مثل المواد الأساسية.

تجاذبات سياسية وأمنية واستغلال

هذه الحال دعت بعض الأهالي للشك بأن موضوع نقص الأدوية وفقدانها أمر مُبيت ومُتعمد وله ارتباطاته وتشعباته العديدة، اعتباراً من المستفيدين من هذا النقص على مستوى توسيع الاستغلال لحاجة الأهالي، وليس انتهاءً بمساعي البعض لخلق حالة من الفوضى المرتبطة عبر التحريض، وذلك لأهمية الدواء على اعتباره أحد مقومات استمرار الحياة الضرورية، كنتيجة للتجاذبات السياسية والأمنية في المدينة، على حساب الأهالي وصحتهم وبقائهم على قيد الحياة.

احتكار واستغلال

بظل هذا الواقع من النقص الحاد بالأدوية أصبح سوق الأدوية محتكراً من قبل بعض الصيدليات ومستودعات الأدوية في المدينة والقرى التابعة لها، حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير وتباينت حسب المكان ومقدار الحاجة، وذلك في أبشع صورة لاستغلال حاجة المواطنين وضروراتهم الحياتية الصحية.

حتى الأدوية البديلة «تهريباً» التي تتوفر أحياناً، صارت محتكرة وأسعارها مرتفعة، على الرغم من الشكوك حولها، والمرتبطة بعدم معرفة مصدرها أو مدى مطابقتها للمواصفة، ومدى جدواها على مستوى العلاج.

واقع ينذر بكارثة

استمرار هذا الواقع من نقص الدواء عامة، وأدوية الأمراض المزمنة خاصة، بظل استمرار وقف التوريد (المتعمد أو بنتيجة الظروف المعقدة) مع هذا النمط من الاستغلال البشع لحاجات الناس على المستوى الصحي، سواء من قبل تجار الأزمة والمحتكرين، أو من قبل المزاودين سياسياً وأمنياً بظل واقع التجاذبات السياسية القائمة بالمدينة، يعني أن المدينة تشرف على كارثة صحية على مستوى أبنائها وأهلها، خاصة وقد شارفت كافة المخازين على الاستنفاذ، سواء في الصيدليات أو في المراكز الصحية والمستودعات.

الضرورات الإنسانية 

خارج التجاذبات

من غير المبرر أن تصل حال أهالي المحافظة على المستوى الصحي لهذه الأوضاع المنذرة بالكارثة، كما من غير المبرر الاستمرار بتقديم الأعذار والحجج الممجوجة وغير المقنعة.

وبظل هذا الواقع المزري أصبح من أولى الواجبات هو تأمين الكميات الكافية من الأدوية بمختلف أنواعها، وخاصة تلك المخصصة للأمراض المزمنة، بعيداً عن كل التجاذبات السياسية والأمنية التي تُغلف بالذرائع العسكرية والأمنية وغيرها، عبر الطرق والوسائل المتاحة كلها.

كما من الضروري العمل على وضع حد للمتاجرين بآلام الناس وأوجاعهم، من التجار والمحتكرين والمهربين وتجار الأزمة، وذلك بتأمين الكميات الكافية من الأدوية عبر المستوصفات والمراكز الصحية العامة، قبل الخاصة.

مهمة يجب أن تطلّع بها وتتكاتف من أجلها كافة الجهات المعنية، بعيداً عن التسويف والتأجيل والوعود الخلبية، فصحة الأهالي والضرورات الحياتية الانسانية أهم من كل شيء آخر.