يحكى أن...
قبل خمسين ألف سنة تقريباً، عندما كان العالم مشاعاً، مشاعاً جداً!! كانت الأسرة الأولى في ذلك الزمان تعيش على جني الثمار، وصيد الحيوانات، وكان كل أفراد تلك العائلة عندما يذكرون جدهم الأول - مؤسس تلك العائلة - يذكرونه بقدسية!!
وفي إحدى الليالي الباردة جداً كان أذكى أفراد تلك العائلة يفكر وبعمق في ضعف بني جنسه أمام قوة وقسوة الطبيعة!!
في تلك الساعة المتأخرة من الليل، الساعة التي تتخذ فيها أصعب وأعنف القرارات وأسفلها وأرذلها، الساعة نفسها التي تتخذ فيها قرارات الاغتيالات والانقلابات والإطاحات والمؤامرات وحتى الخيانات... اتخذ قراره - ذلك الأذكى - بين أفراد أسرته الواحدة؟!
ولأن مثل هذه القرارات المصيرية لا يعقبها سلام لم ينم ذلك اليوم! وفي الصباح الباكر، روى لجميع أفراد أسرته بأن روح جدهم الأول قد خاطبته في المنام ثم دخلت في جسده؟!! فأصبح روح الجد وجسد الحفيد..
ومن حينها أصبح ذلك الأذكى يبقى جالسا في كهفه العالي (بيتهم)، أما باقي أفراد العائلة فيخرجون للصيد و جني الثمار!! وأخذت الحياة تزداد قسوة بسبب تقلص الغابات و بعدها عن ذلك الكهف (البيت)..
وبعد مدة بدأ أحد أفراد تلك العائلة يحسد أخاه الأذكى و يفكر كيف حالفه الحظ، وبعد قليل بدأ الشك يدخل في قلبه، فعاد مسرعاً إلى ذلك الكهف ليفهم شخصياً من أخيه الأذكى سبب قدسيته وامتيازاته؟؟
فاضطر ذلك الأذكى أن يقدم عرضاً سخياً لأخيه الشكاك خشية كشف أمره، فقبل الأخير ذلك العرض بكل سرور!! وكان العرض هو إشراكه في تلك اللعبة؟؟
مع مرور الأيام، بدأ أذكياء آخرون يتململون من صعوبة وقسوة الحياة، إلا أن هؤلاء الأذكياء كانوا قلةً قليلةً أمام باقي أفراد تلك العائلة، حالهم كحال أذكياء جميع عصور التاريخ... قلة من الأذكياء وكثرة من الأغبياء!!
وفيما بعد أصبحت تلك القلة حكومة.. فحكومات... والكثرة صارت نحن الشعوب المحكومة بالأمل، (لكن ما يحدث اليوم ليس نهاية للتاريخ)...
■ ريمون القس
جامعة دمشق – قسم الإعلام