اليوم الأول للطفل في المدرسة
اليوم، الأحد 18/7/2016، هو أول أيام الدوام في المدارس مع بدء العام الدراسي الجديد، مع ما يحمله هذا اليوم من أرق وقلق وخوف، وخاصة بما يتعلق بالأطفال المستجدين في الدراسة.
أهم ما يواجه الطفل في يومه الأول هو ذاك القلق المقترن بالانفصال عن ذويه، وخاصة أمه، والخوف المرتبط بمواجهة عالم ومجتمع جديد، والاضطرار للتعامل مع أشخاص غرباء عنه.
ليست زيارة قصيرة
الأطفال بيومهم الأول يحاولون التمسك بأمهاتهم بشدة بادئ الأمر، مع الكثير من مساعي التقاط دقائق التفاصيل المحيطة بهم، إن كان على مستوى المكان الجديد، أو على مستوى الأشخاص الغرباء الذين يلتقيهم لأول مرة، سواء كانوا أطفالاً بمثل سنه، أو كانوا عبارة عن المدرسين والمشرفين، وغيرهم من الأشخاص المتواجدين في المكان الجديد نفسه، وهم غالباً ما يظنون أنهم سيرجعون مع أمهم، بعد هذه الزيارة القصيرة، إلى البيت.
دور الأم
الأم عادة ما تحاول لفت انتباه طفلها إلى جمالية المكان، عبر محاولة تركيز انتباهه إلى الرسومات على الجدران، وجماليتها وألوانها الزاهية، كما تحاول أن تلفت انتباهه إلى الأطفال الآخرين ولطفهم وجمالهم، وذلك من أجل تهدئة روعه والتخفيف من خوفه وقلقه، عبر بث قدر كاف من الراحة والمحبة للمكان والأشخاص فيه.
ثم تسعى جاهدة إلى إقناعه بهذا الحب الذي سيعني الالتزام بالذهاب طوعاً في الأيام القادمة وبشكل يومي، مع محاولة خلق نوع من الحماسة لديه من أجل تنفيذ ذلك، حيث تذكره بما كانت تحدثه عنه حول الصداقات مع أقرانه من الأطفال الذين سيلتقيهم في المدرسة، بالإضافة لتذكيره بما حدثته به سابقاً عن المعلمة وطيبتها ومحبتها غير المحدودة للأطفال، وما سيتعلمه منها خلال فترة الدوام المدرسي.
قلق الانفصال وتلقي الأوامر
ليس من السهولة أن يتحول الحماس اللحظي، الظاهر من تفاعل الطفل مع حديث أمه، إلى حال دائم، فسرعان ما يتحول هذا الحماس إلى كابوس لدى الطفل، باعتبار أن أشد ما يزعجه من أمر المدرسة هو ابتعاده عن أمه وفراقها عنه، باعتباره لم يعتد عليه سابقاً، بالإضافة إلى الساعات الطوال التي سيقضيها في المدرسة وهو متلقي للأوامر والمعلومات، خاصة لأولئك الأطفال الذين اعتادوا على ممارسة ما يستهويهم واللعب مع أهلهم فقط، في علاقة مميزة تربطه بهم، حيث أن هؤلاء من الممكن أن يعانوا من قلق الانفصال، ولعل ذلك يكون أكثر احتمالاً بحال لم يجر هناك أي حديث مسبق عن المدرسة والذهاب إليها، والتعرف على أصدقاء جدد، ومعلمة محبة، وغيرها من الأمور المشجعة والمحفزة، التي تعتبر من التحضيرات الهامة بالنسبة للطفل.
تحضيرات لابد منها
ومن جملة هذه التحضيرات، الحديث الدائم مع الطفل حول الروضة أو المدرسة بأنها مكان جميل يلتقي فيها الأولاد ويلعبون ويقضون أوقاتا ممتعة ومسلية، كما توجد فيها معلمة تحبهم وتهتم فيهم وتعلمهم أموراً جديدة ومفيدة ريثما يأتي الأهل ويأخذونهم، كما أن شراء حقيبة مدرسية جميلة وملونة، مع أقلام ودفاتر مختلفة الألوان والأشكال يعتبر من المشجعات على الذهاب إلى المدرسة، بالإضافة إلى إمكانية الاستعانة بأفلام الرسوم المتحركة، التي تحبب بالمدرسة وتوضح ماهيتها، قبل المواجهة معها بشكل مباشر من قبل الطفل، مع محاولة إفهام الطفل بشكل مسبق أن من سيلتقيهم في المدرسة من الأطفال سيكونون مختلفين عنه بالتصرف والسلوك، وبأن عليه أن يكون متجاوباً في تقبلهم كما هم مع عدم سعيه إلى تعديل هذه التصرفات، حتى وإن كانت خاطئة، وبأن مسؤولية ذلك تقع على الأهل والمعلمين، مع لفت الانتباه إلى أن دور الأهل بهذا الجانب هو توعية طفلهم وحمايته من اكتساب أو تعلم أي سلوك خاطئ.
مهام لاحقة
كما أن الحديث مع الطفل عما جرى معه في المدرسة أو الروضة من نشاطات وما هي الأمور التي أحبها أو تلك التي لم تعجبه وأزعجته، مع محاولة التوضيح والشرح لهذه الأمور مع أهمية الترتيب والنظام والالتزام، مع التأكيد أنه بحال كان ما أزعجه يعتبر من الأمور الخاطئة، فمن الواجب على الأهل تأكيد وجهة نظر الطفل، مع تشجيعه على إصلاح الخطأ.
لعل أهم ما يجب التنبيه له، وخاصة لأولئك الأهل الذين لم يسبق أن حضروا أطفالهم لليوم الأول في المدرسة، هو عدم استعمال وسائل التعنيف من أجل فرض الأمر الواقع على طفلهم، بحيث يكون بقاء الطفل في المدرسة مقترناً بخوفه من العقاب، حيث أن ذلك قد يؤدي إلى ضرر نفسي كبير، قد يستمر معهم لفترة طويلة من الزمن، مع ما يمكن أن يرافق ذلك على مستوى التحصيل العلمي.
فترة التأقلم
ويرى أخصائيون أن الطفل يحتاج إلى فترة من التأقلم قد تطول من يوم لتمتد إلى أسبوع أو أكثر في بعض الأحيان، وذلك ريثما يتقبل المكان والأشخاص الجدد، مع التنبيه إلى أن بعض الأطفال يتذرعون بحجج من أجل تجنب الذهاب إلى المدرسة، وبالتالي على الأهل التمييز بين ما هو حقيقي من هذه الأعذار الحجج، عما يمكن أن يكون كاذباً ومخترعاً من قبل طفلهم، الأمر الذي يعني وجود قلق غير طبيعي أو أن أمراً غير جيداً قد حصل معه في المدرسة، وهنا من المفروض على الأهل متابعة الموضوع وعدم إغفاله، والبحث عن أسبابه واكتشافها.
دور المعلمة
مع عدم إغفال دور المعلمة التي من المفترض أن تظهر الحب والاهتمام والرعاية والحنان، وعدم التمييز بين طفل وآخر، مع أهمية إشغال الأطفال بشكل دائم بالممارسات المحببة والجميلة والممتعة بالنسبة إليهم، كالألعاب الرياضية والمسابقات، مع الحرص على التحفيز عبر المكافأة من أجل خلق الحماسة الدائمة للذهاب إلى المدرسة.
إرشادات الأخصائيين
أهم ما يلفت النظر إليه الأخصائيون بهذا الجانب هو التزام الأهل بجلب أبنائهم من المدرسة في الأيام الأولى من الدوام المدرسي، وذلك من أجل نزع الخوف من ذهن الطفل من أنه منسي أو أنه قد يضيع، الأمر الذي إن حصل فقد يعزز لديه رفض الذهاب للمدرسة لاحقاً.
أخيراً يشير التربويون والاختصاصيون إلى أهمية ذهاب الطفل للروضة لمدة عام أو أكثر قبل دخوله المدرسة، حيث تعتبر الروضة فترة تحضيرية للطفل على مستوى تحسين قدراته والتكيف مع الآخرين، بالإضافة إلى تنمية مواهبه، ناهيك عن أنها فترة تحضيرية أيضاً على المستوى النفسي والعملي.