البوكمال تعاني من العطش، وتخشى الانهيار
أن تكون على ضفاف نهر عظيم كنهر الفرات، وتعاني من العطش، علامة واضحة من علامات تدني قيمة الإنسان، بالرغم من ارتفاع سعر كل شيء، إلا الإنسان،الذي بقيت قيمته في هبوط مستمر. وهذا له أحد تفسيرين لا ثالث لهما، إما الدولة غير مكترثة بهذا الإنسان، وإما القائمون على محافظة دير الزور، ابتداءً من المحافظ وصولاً إلى باقي المسؤولين، مهملون ومقصرون وغير مبالين. وهذا هو الاحتمال الأرجح حتماً، والأدلة كثيرة، أوّلها السرقات الكبيرة، التي حصلت في مؤسسة المياه بدير الزور على يد المدير العام السابق عمار علاوي وحاشيته، حيث بلغت المحجوزات الموجودة لدى هذه الثلة الفاسدة /53942450/ل.س. وهذا المبلغ لا يشكل ربع ما سرقوه، ومازال الحبل على الجرار. والسؤال أين كان محافظ دير الزور ومن معه من المسؤولين؟ أم أنهم كانوا نائمين نوماً عميقاً، نوم العروس في ليلة زفافها؟ أم كانوا يعلمون ولم يحركوا ساكناً؟ كرمى لعيون فلان؟ وفي كل الحالات تبقى من كبائر الأمور المحرمة وطنياً.
والشيء الثاني هو العطش الذي يعانيه سكان البوكمال، فانقطاع المياه مستمر عن أحياء المدينة القديمة والجديدة، والحجة أن محطة التصفية الجديدة مازالت قيد الإنجاز. نحن نعلم أن الأعمال الإنشائية قد انتهت، وعقد توريد المعدات الميكانيكية والكهربائية قد رسا على أحد المتعهدين، فلماذا التأخير؟! لا أحد يدري منهم من يقول أن الاعتماد المالي لم يطلق ومنهم من يقول غير ذلك. ثم، لماذا توقف العمل بتجديد شبكة المياه؟ والمفروض أن تكون جاهزة منذ عام. وبعض خطوط الشبكة القديمة وصل عمر ها أكثر من ثلاثين عاماً، وتسرب المياه إلى أعماق الأرض تحت المنازل قد أخذ يفعل فعله، متعاوناً مع تسرب مياه الصرف الصحي، والتي لم يمض على تنفيذ شبكته عام ونصف، والانخسافات أصبحت تهدد المواطن، في مضجعه. ويستطيع المرء أن يحدد مسار مصارف المياه بالعين المجردة، في أغلب شوارع المدينة.
لقد نُفذت هذه الشبكة بسرعة مذهلة، فلا البقايا رُحِّلت، ولا الردم رُش بالماء، وباتت تلك الانخسافات أمراً مألوفاً عند المواطن، والتصدعات كثيرة، مثل التصدع الذي حصل لمنزل المواطن «هاشم بغدادي»، وميَلان العمارة المقابلة لهذا المنزل(عمارة بيت سطم)، انخساف أمام مخفر الشرطة، انخساف في شارع /8 آذار/ أمام عمارة (علاي العلاء)، انخساف الشارع العام. كل ذلك والاتهامات متبادلة بين البلدية ووحدة المياه. لا بد من تشكيل لجنة فنية نزيهة ومن خارج المحافظة لكي لا تتعرض لضغوط من أحد، كما حصل مع لجنة الرقابة المالية، عندما اكتشفت سرقات في البلدية، فتم إقصاؤها، واستبدالها بلجنة أخرى من قبل المحافظ بالذات. ثم لا بد من الإسراع في إنجاز محطة التصفية الجديدة وإكمال استبدال شبكة المياه وإعطاء مدير وحدة مياه البوكمال، صلاحيات أوسع، فهو، ليس بشهادتنا نحن فقط، بل بشهادة الجميع، رجل يريد أن يعمل، لكن لا حول له ولا قوة. وكما نسلط الضوء على الجوانب المظلمة، لا بد من تسليطه على الجوانب المضيئة وذلك صوناً لكرامة الوطن والمواطن.