كيف أصبحت شيوعياً

ضيفنا لهذا العدد الرفيق فارس داود فارس من الرفاق في اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين.

الرفيق المحترم أبو وليد كيف أصبحت شيوعيا؟.

أنا من مواليد محافظة درعا /ازرع / قرية ذنيبة عام 1939، كان والدي متطوعا ثم التحق بالجيش السوري بعد الاستقلال, درست الابتدائية في ازرع ونلت شهادتها عام 1951، وتابعت الإعدادية في درعا وحصلت على الشهادة عام 1957، ثم أديت خدمة العلم وبعدها اشتركت بمسابقة (مساعدين فنيين) ودرست وتخرجت عام 1962، وعينت في مدينة الرقة (بناء على رغبتي)، وبقيت هناك حتى عام 1967، وقبيل حرب حزيران نقلت إلى القنيطرة ومن ثم إلى بلدي ازرع وبقيت في الوظيفة إلى عام 1985حيث قدمت استقالتي وعملت بالزراعة وما زلت أعمل فيها حتى اليوم.

أما بخصوص تعرفي على(السياسة والالتزام) فالبداية الفعلية تعود إلى أيام حاول أحد أقاربي، وكان من القوميين السوريين، استمالتي إلى حزبه وقدّم لي (دستور الحزب) وبعد قراءته لم أجد فيه ما يجذبني أو يقنعني, وشعرت بتحفظ نحوه لما يحمله من روح الاستعلاء التي تسم (خطابه الفوقي!!), ومع ذلك فقد دفعني إلى طرح تساؤلات أخذت تشغل ذهني ومن ثم بدأت أتلقى عنها بعض الإجابات وذلك من خلال علاقاتي في الوظيفة مع زملاء العمل، وبخاصة الرفيقين الشيوعيين مصطفى طالب الحريري و شاهين شاهين، وهو من حمص، اللذين زرعا فيّ أفكارا جديدة..

وما زلت أذكر قولهما لي ونحن بالسيارة في طريقنا إلى الرقة (يريد الرفاق زيارتك في بيتك فما قولك؟ قلت: أهلا وسهلا) وتمت الزيارة، وأنا الآن أستعيد وقائعها بكل تفاصيلها حية في خاطري، وكان ضمن الزوار رفيق من حلب هو (أبو فرات), وبعد توضيح هدف وسياسة الحزب طرحوا عليّ فكرة الانتساب فرحبت بحرارة بالفكرة وقدمت طلب الانتساب أنا ورفيق آخر اسمه أسعد يعمل بالهيئة العامة للفرات، وحملت اسما رمزيا هو (عامر) وكان مسؤول الفرقة أبو فرات، ومنذ ذلك اليوم صار شغلي الشاغل العمل والنشاط الحزبي وقد استطعت وبمساعدة أعضاء الفرقة تنسيب عدد من أبناء المنطقة للحزب.

وبعد انتقالي إلى القنيطرة طلبت أن يكون لي صلة حزبية لكن ظروف حرب حزيران حالت دون ذلك، ثم انتقلت إلى (ازرع) وفيها عدت للتنظيم لأعاود النشاط الحزبي بالعمل الدائب بين صفوف الفلاحين في القرى المجاورة (ودروب تلك القرى خير شاهد على ذلك فقد حفيت أقدامنا صيفاً شتاءً، ليلاً نهاراُ) ونسبنا العديد من الفلاحين للحزب، وتوسعت المهام.

 ثم أصبحت سكرتيرا للجنة الفرعية واستمر ذلك حتى عام 1986، وكان نشاط المنظمة كبيرا ومثمرا، لاسيما من خلال تنظيم اتحاد الشباب الذي أثبت وجوده وكانت له سمعته المشرّفة المعروفة، كما عمّ النشاط كل منطقتنا.

وأرى من واجبي اليوم أن أنوه بالجهود الكبيرة التي بذلها عشرات الرفاق الطيبين الرائعين، وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر؛ الرفاق نعيم عزام ود.غسان حريز ونجيب غيث وبسام غريّب, ومن نشاطات المنظمة إلى جانب النضال المطلبي والطبقي، الاحتفالات بالمناسبات الحزبية والطبقية والوطنية وبشكل أساسي احتفالات تأسيس الحزب وثورة أكتوبر العظمى والأول من أيار وعيد الجلاء، الذي كرسنا إحياءه على أرض القنيطرة, كما كنا نشارك بكل النشاطات التي يقيمها الحزب في دمشق وحلب وغيرها, وفي عام 1986، انتخبت لعضوية اللجنة المنطقية لمنظمة حوران، واستمر النشاط والعمل لسنوات..

وبعد الذي حدث من تصرفات القيادة تجاه الرفاق المبدئيين، ولا مجال الآن لشرحها، أكتفي بالقول: إن أمراض (العمل الجبهوي) وخصوصا المناصب والامتيازات والمصالح، تركت آثارها المؤلمة على عمل الحزب, وأنا آسف أشد الأسف لواقع الانقسامات التي أصابت حزبنا (أليس غريبا ومؤلما، بل معيبا أن تقرأ في مقر القيادة المركزية للجبهة لوحتين متقاربتين تحملان التسمية (الحزب الشيوعي السوري: بكداش، وفيصل) وأتصور أن لا رجاء في قيادات تتحكم فيها عقلية الاستئثار والمناصب، وهذا ما جعلها تلعب أدوارا غير سليمة في معالجة المشكلات التي اعترضت سبيل العمل الحزبي، وكمثل على ذلك استحداثها لمناصب (أمين عام مساعد وحتى على صعيد المنطقيات سكرتير أول وثان و..) بدافع التسويات وحساب المنافع، وما رافق ذلك من إبعاد للكثيرين من الرفاق دون مناقشة أو محاكمة..

كان يكفي أن يروا صورة لأحد الرفاق يوقع على ميثاق الشرف للشيوعيين، حتى يفصلوه من التنظيم، كما حدث مع الرفاق فهمي العاسمي وخالد الشرع!!..

ولي الشرف أنني كنت من أوائل الرفاق الذين وقعوا على ميثاق الشرف، والتزموا باللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين، وبالمناسبة وللأمانة أقول: كان للرفاق المخلصين، وفي مقدمتهم الرفيق الراحل الدكتور إميل مهنا، دورهم الكبير في توضيح حقائق ما كان يجري يومها في الحزب، وفي السعي الجاد كي تبقى المبدئية هي رائد العمل والسلوك..

إن أملي كبير بالرفاق الذين يسعون بكل إخلاص وإصرار ليستعيد الحزب الشيوعي مكانته ودوره المنوطبن به بين الجماهير في الشارع الوطني، الذي يفتقدنا ونفتقده.

آخر تعديل على الأحد, 20 تشرين2/نوفمبر 2016 21:44