مواطنون شربوا مياهاً مخلوطة بالتراب.. والمؤسسة تقول: غير مضرة!

مواطنون شربوا مياهاً مخلوطة بالتراب.. والمؤسسة تقول: غير مضرة!

تفاجأ سكان المزة ومناطق أخرى في دمشق، منها ركن الدين، بانقطاع غير مبرر لمياه الشرب استمر أياماً متتالية في مناطق، بينما اقتصر على التقنين لساعات طويلة في مناطق أخرى وصلت حد الـ 20 ساعة يومياً، علماً أن شهر أيلول لا يشهد استهلاكاً بالمياه مقارنة بشهر الحر «آب».

 

وعند وصول المياه إلى المنازل، اشتكى سكان تلك المناطق من «عكارة» بنسبة كبيرة في المياه حولت لونها إلى المائل للحمرة، إضافة إلى ملاحظة شوائب سوداء وحمراء واضحة للعين المجردة، ما دبَّ الذعر بينهم، ودفعهم للاستغناء عن شرب مياه الصنابير وشراء المياه المعدنية المعبأة، في حين انتشرت شائعات مختلفة عن السبب، إحداها «أن المياه ملوثة أو اختلطت مع الصرف الصحي.

مؤسسة المياه لم تنكر

مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي، لم تنكر ما أصاب المياه من عكارة، وبررت ذلك «بهبوط منسوب أحد الآبار في الربوة، واختلاط المياه بمادة ترابية ما جعل لون مياه الشرب أصفر مائلاً للبني». 

كما أشارت مؤسسة المياه إلى أن انقطاع المياه كان لاحقاً لقضية اختلاطها بالتراب، بينما أكد مواطنون في المزة أن المياه قُطعت قبل عودتها بلون مختلف وعكارة واضحة مع شوائب، والسبب قد يكون وصول الشوائب العالقة بالشبكة لبعض المنازل بعد عودة ضخ المياه.

مياه مع تراب: خلطة غير مضرة بالصحة!

الحادثة كانت جديدة على أهالي المناطق المتضررة، رغم تأكيدات مؤسسة المياه بأن «الحادثة مكررة»، حيث أشار مدير مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي في دمشق وريفها، حسام حريدين، في تصريح إذاعي، إلى أن «البئر محفور بشكل دوراني، ما يجعله عرضة لانجراف التربة، إضافة إلى أن القميص المتواجد داخل البئر لا يصل إلى كامل الجوف ما جعله عرضة للعكارة ، كما أن المنطقة التي تتواجد فيها الآبار منطقة تكهفات، أي أنه من الوارد نزول الردم وامتزاجه مع المياه وهو شيء طبيعي» وفقاً لحديثه.

لم يبرر «حريدين» حفر البئر بشكل دوراني في منطقة تكهفات، ولم يحدد تاريخ الحادثة السابقة التي لم يتذكرها سكان المزة على الأقل، لكنه قال إن «المواد الترابية» التي شربها سكان المناطق المتضررة «لا تضر بالصحة ولا يوجد فيها مواد مضرة»! على حد تعبيره.

«البئر المذكور خرج عن الخدمة، وتم إفراغ الخزانات وغسل الشبكة، ونتيجة ذلك تم قطع المياه أو زيادة عدد ساعات التقنين، ثم أضيف بئران احتياطيان إلى الخدمة» وفقاً لحديث حريدين، الذي يؤكد وجود مخاوف لدى المؤسسة ذاتها من تلوث المياه ما دفعها لإخراج البئر عن الخدمة وغسل الشبكة، ما أدى إلى انقطاع المياه، بينما لم يتم إنذار السكان بضرورة غسل خزاناتهم، أو تعقيمها على الأقل، كخطوة مشابهة لما قامت به المؤسسة.

ما هو مصدر المياه؟

هذه الحادثة، أثارت عدة تساؤلات بين سكان المناطق المتضررة في دمشق، عن مصدر مياه الشرب، أهمها إن كانوا فعلاً يشربون مياهاً من نبع الفيجة وبردى، أم من مياه الآبار، حيث قال محمد وهو من سكان المزة 86 إنه «كلما تم قطع مياه نبع الفيجة، كانت المياه تقطع في منطقتنا، وعندما يتضرر نبع بردى كانت النتيجة ذاتها، واليوم تسرب التربة إلى بئر واحد عاد بالضرر على منطقتنا ومناطق أخرى، وهذه كلها أمور تثير الشكوك حول مصدر المياه الرئيسي».

على هذا أوضح حريدين أن دمشق «لا تعتمد على الفجية وحدها أو بردى وحده» على حد تعبيره، مؤكداً أن العاصمة تعتمد على ثلاث مصادر مياه في آن واحد وهي: «نبع الفيجة وبردى وحوض دمشق الذي هو عبارة عن آبار»، مضيفاً «تأتي المياه من تلك المصادر وتوزع بشكل عشوائي».

حريدين أكد الأسبوع الماضي بأن المياه ستعود إلى طبيعتها خلال 24 ساعة، إلا أنه وحتى ساعة إعداد هذه المادة ما زالت ساعات التقنين طويلة في بعض المناطق بالمزة وركن الدين على غير العادة، ما يشير إلى أهمية هذا البئر الذي «خرج عن الخدمة» على حد تعبيره، وذلك رغم تأكيده بأنه «في حال تأخرت عملية تأهيل الشبكة، سيتم استخدام 9 آبار يمكن أن تزود منطقة المزة بالمياه».

وأشار حريدين الى أنه يتم تزويد العاصمة دمشق يومياً بحوالي 340 ألف متر مكعب من المياه، مشيراً إلى أن المؤسسة وبعد «تحسن الوضع المائي» تقوم بخلط مياه آبار الربوة مع مياه الخزانات الرئيسية العائدة لها، حيث يتم تزويد دمشق بالمياه لمدة خمس ساعات يومياً، أما أطراف المدينة فتزود بيوم مياه ويومين تقنين.‏

أين المواطن؟

المواطن بنتيجة الأمر لا تعنيه التبريرات والمسوغات المساقة رسمياً، بقدر ما يهمه أن تكون خدمة تأمين المياه جيدة على المستويات كافة، وخاصة على المستوى الصحي، حيث من غير المقبول ومن غير المنطقي أن تعكف مؤسسة المياه إلى تبديل مصادر المياه، وتنظيف الشبكة العامة، حسب ما تدّعيه، من غير إعلام المستهلكين عن ضرورة اتخاذ إجراءات مشابهة، وخاصة على مستوى العقامة من الملوثات في الخزانات المنزلية الخاصة، بالحد الأدنى، ناهيك عما يمكن أن تقوم به من تأمين هذه المعقمات إن لزم الأمر، بالإضافة إلى ضرورة المصداقية بتحديد ساعات القطع والوصل، من أجل فسح المجال أمام المواطنين لاستدراك حاجتهم من هذه الخدمة الحياتية الهامة.

كما ينتظر المواطن بفارغ الصبر ذاك الوقت الذي تعلن فيه مؤسسة المياه أن مشكلة تأمين المياه قد تم حلها بشكل نهائي، لينتهي معها قلقه واستنفاره وهاجسه من هذه الخدمة وتداعياتها، وخاصة على صحته وصحة أفراد أسرته.